العاطلون عن العمل.. ووزارتهم الاسمية!
إن حالة التوتر التي خيمت على معظم المناطق اللبنانية في الفترة الأخيرة، طالت بصورة أو بأخرى الطبقة العاملة، فقلتان الوضع الأمني أسهم بشكل كبير في ركود الحركة التجارية والصناعية وجمود حركة الأسواق الذي انعكس بدوره على الحياة المعيشية للعمال وأصحاب المهن الحرة، وبما أن نسبة ليست بقليلة من هؤلاء هم من العمال السوريين، فقد اضطروا للعودة إلى وطنهم رغماً عنهم بعد أن تعرضوا لشتى أنواع الضرب والإهانات، وحتى إلى إطلاق الرصاص الحي عليهم بدون أدنى سبب...
ولقد قامت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، لرفع العتب، بزيارة بعض أسر الجرحى والمصابين للاطمئنان على أوضاعهم الصحية، وتقديم المساعدات، ووعدتهم بالتعويض المناسب، وظلت الوعود بالنسبة لمعظمهم مجرد وعود..
والسؤال الذي يطرح نفسه.. لماذا لم تبحث السيدة الوزيرة عن الأسباب التي دفعت بهؤلاء الشباب للسفر إلى خارج القطر للعمل في أعمال شاقة وبأجر زهيد لا يرضى العامل اللبناني العمل بمثله، ناهيك عن الظروف القاسية والشروط المجحفة وبحقهم.. إن المواطن السوري الذي سافر ويسافر إلى خارج القطر يبقى في صراع دائم مع نفسه، ويعتب بصمت على وطنه الذي لم يحضنه، ويتأسف على الغربة التي قطفت أغلى سنين حياته. فسفره لم يأت من فراغ ولا بمحض إرادته، بل هرباً من الفقر والبطالة اللذين طمراه حتى قمة رأسه.
فبإمكان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والحكومة من خلفها، إذا رغبت، توفير فرص العمل المختلفة لأعداد هائلة من العاطلين عن العمل دون دفعهم للاغتراب والسفر خارج القطر.
ولو كلفت السيدة وزيرة نفسها وحاولت النزول إلى الشارع، فبالتأكيد ستشاهد بعينها تجمعات الشباب المتسكعين في المقاهي والحدائق والساحات العامة، حينئذ ستدرك الخطر الذي يهدد هذه الشريحة العمرية من أمراض اجتماعية كالسرقة والجريمة والمخدرات.. والتي تنعكس بآثارها السلبية على الوطن وعلى الأمن الاجتماعي.
هل تدرك السيدة الوزيرة أن هناك مشهداً درامياً يتكرر كل مساء في بيوت معظم العائلات السورية بسبب الفقر والبطالة، قوامه الشجار وتبادل اللوم بين أبناء الأسرة الواحدة واليأس والخوف من المستقبل، أم أنها تعيش حالة ترف عالية لا تسمح لها أن ترى مثل هذه المناظر التي يندى لها جبين كل من يملك ضميراً. هذا المشهد يعيشه أغلب المواطنين لأن في كل بيت يوجد عاطل عن العمل أو أكثر، ويتجلى أيضاً في صورة مريعة لأطفال ينتظرون آباءهم على أبواب بيوتهم كل مساء أملاً في هدية تقدم لهم، لكن وفي كل مرة تدمع عيون الآباء قبل عيون أطفالهم الذين غلبهم النعاس من طول الانتظار.
ومع كل هذا يتفلسف بعض أصحاب الكروش المنتفخة مستهزئين بالقول: من ضرب على يد هؤلاء كي يسافروا إلى بلد آخر من أجل العمل؟ ألا يوجد عمل في البلد؟
أريد أن أسمح لنفسي وأسأل السيدة الوزيرة ومن لف لفها من حكومتنا العتيدة: أين دوركم في الوزارة التي تقول الكثير ولا تفعل شيئاً؟
وأين فرص العمل والوعود الكثيرة؟ وكيف يعيش كل العاطلين عن العمل إن لم يتوفر لهم أي عمل في بلادهم؟
أسئلة كثيرة ومتعددة برسم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومن ورائها أصحاب القرار في هذا الخصوص من الوزارات الأخرى وعلى رأسهم رئيس الوزارة، أملاً في إيجاد أجوبة على هذه التساؤلات.. فلقد بلغ السيل الزبى.
■ ألفريد موسى