لماذا عدّوني فاسداً؟
«قاسيون» تتابع ملف المصروفين من الخدمة في دوائر الدولة كافة، الذين تم تسريحهم ظلماً وعدواناً، نتيجة تفشي ظاهرة الفساد، واستعصائها على الإصلاح، بسبب تسلح بعض الفاسدين بسلطة القرار بتحدي كل من يقف في طريقهم، من الشرفاء الذين ما زال القليل منهم في بعض أجهزة الدولة.
نتابع قضية المصروفين في مجلس مدينة حمص، وسنسلط الضوء على قضية الطبيب البيطري صلاح الحميد الذي رماه الفاسدون بتهمة الفساد، وسُرّح من عمله!!
يقول الطبيب البيطري صلاح موضحاً:
«تم تعييني في مجلس مدينة حمص، مديرية الشؤون الصحية، عام 1996، وعملت في المسلخ البلدي بحمص كمعاون لمدير المسلخ حتى عام 2001، حيث التحقت بخدمة العلم لغاية 2003، وحين عدت إلى مكان عملي في قسم الرقابة الصحية، تحت إشراف مدير الشؤون الصحية الدكتور بشار الشعار، قمت بمصادرة كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة من محلات القصابين، بدعمه وإشرافه، ثم ما لبث أن انتقل بعد سبعة أشهر، واستلم محله الدكتور محمد علي غالي، الذي بدأ يعتقد أنني منافسٌ حقيقيٌ له على منصبه كمدير للشؤون الصحية، وخاصة بعد أن قمت بمصادرة لحوم من الفصيلة الخيلية من أسواق حمص، حيث جاء كتاب إلى مجلس مدينة حمص من نقابة الأطباء البيطريين ليتم رفعه للقيادة القطرية باقتراح أن يكون مدير الشؤون الصحية طبيباً بيطرياً. وهنا بدأ الخلاف بيني وبينه، من أجل العمل والمصلحة العامة، ولم يكن خلافاً شخصياً، وعندما تغير محافظ حمص، طلب المحافظ الجديد من مدير الشؤون الصحية موافاته بأسماء العناصر المسيئة والمقصرة في العمل، فاغتنم الدكتور غالي هذه الفرصة الذهبية وقام برفع اسمي مع أسماء أربعة من زملائي، ودون أي تحقيق أو سؤال من أية جهة، قام المحافظ بفرزي إلى الخدمات الفنية في بلدة المخرم الفوقاني، التي تبعد 50 كم عن حمص. وبعد تظلمي من هذا القرار المخالف للقانون، باعتباره نقلاً تعسفياً، وتم شرح الموضوع للمحافظ المهندس محمد إياد غزال، وإيضاح أن الفاسد هو مدير الشؤون الصحية، قام المحافظ بتعديل قرار الفرز إلى السخنة التي تبعد 250 كم عن حمص. ورغم كل هذا الظلم التزمت بتنفيذ القرار، ثم تقدمت بشكوى للسيد وزير الإدارة المحلية، الذي أحال الموضوع إلى الرقابة الداخلية في محافظة حمص.
بعد التحقيق معي وزملائي ومدير الشؤون الصحية، خرج تقرير الرقابة باقتراح فرض عقوبة حسم 2 % من الأجر الشهري بحق الدكتور محمد علي غالي. وفي الفترة نفسها تقدمت بشكوى للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بحمص حول الموضوع نفسه، والتي اعتمدت تقرير الرقابة الداخلية، وطلبت إعادتنا فوراً إلى مكان عملنا كونه لا يوجد بحقنا أية إدانة، ولكن لم يتم تنفيذ التقرير من المحافظ.
وعندما تظلمت للسيد وزير الإدارة المحلية أرسل كتاباً للمحافظ يقضي بإعادتي وزملائي لعملنا وتنفيذ مقترحات التفتيش، ولكن لم يتم تنفيذه من المحافظ رغم تكرار السيد الوزير تأكيده على الكتاب السابق. ثم تدخَّل الاتحاد العام لنقابات العمال، وأرسل السيد شعبان عزوز كتاباً لمحافظ حمص حول إعادتنا لعملنا، وكانت نتيجته عدم التنفيذ أيضاً، وقام اتحاد العمال بمخاطبة وزير الإدارة المحلية ولكن دون جدوى!!!
بعد كل الكتب التي لم تنفذ من محافظ حمص، تقدمنا بشكوى لرئيس الوزراء الذي استجاب لنا وأصدر كتاباً للسيد وزير الإدارة المحلية لمعالجة الموضوع، وتم إصدار كتاب من الوزير تنفيذاً لحاشية رئيس الوزراء إلى محافظ حمص، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وبعد تدخل الاتحاد العام لنقابات العمال لدى رئيس الحكومة مرات عديدة، وصدور تقرير التفتيش ببراءتنا، قام السيد المحافظ باقتراح صرفنا من الخدمة، وقام السيد وزير الإدارة المحلية بتوقيع الكتاب رغم علمه ببراءتنا، وسعيه الحثيث لإعادتنا لعملنا السابق، وصدر القرار رقم /1380/ تاريخ 31/3/2008 عن السيد رئيس الحكومة بصرفي مع زملائي من الخدمة، بينما بقي الفاسد الحقيقي على رأس عمله، وكل ذلك نتيجة تصفية حسابات شخصية.
نحن نناشد السيد رئيس الجمهورية إعادتنا إلى عملنا، أنا وزملائي المظلومين، فأنا معيل لأسرة كبيرة، وكان راتبي مورد رزقنا الوحيد».
إن «جريدة قاسيون» التي بحوزتها جميع الوثائق التي تثبت صحة أقوال الدكتور صلاح، تستغرب مدى الاستهتار بالقانون، ومخالفته من بعض رموز الحكومة، وخاصة الوزراء والمحافظين، في وقت نتحدث فيه عن دولة القانون والمؤسسات ومكافحة الفساد.
إن الوطن بحاجة إلى المواطنين الشرفاء وعلى مجلس الشعب السعي لإنصافهم، ومحاسبة الفاسدين مهما علت مناصبهم ومواقعهم، وإلا فإن كرامة الوطن والمواطن ستصبح في خطر كبير.