المراسيم... والمخاطر المهنية التي يتعرض لها العامل

صدر عن رئيس مجلس الوزراء القرار رقم /61/ م.د القاضي بمنح العاملين في المهن الخطيرة والشاقة، كما حددها المرسوم /346/، تعويضاً قدره 5 % من الأجر الشهري، على أساس قرار يصدره الوزير المختص، ويحدد بموجبه من هم العمال المستحقون لهذا التعويض، بالتنسيق مع وزير المالية، ويعتبر هذا القرار سارياً منذ أول الشهر الذي يلي صدوره،

أي أن هذا القرار أصبح نافذاً من تاريخ 1/9/2008. وقد شملت التحديدات والتعريفات التي جاءت في المادة /1/ من المرسوم أعداداً كبيرة من العمال في الكثير من الصناعات، كعمال الطباعة، والمناجم، والنفط، والصناعات الكيميائية..الخ.

إن صدور المرسوم بهذا الشمول أمر مهم جداً، ويحدُّ من المخاطر التي يتعرض لها العمال، ويؤمن حقهم الطبيعي بتعويض متناسب مع درجة المخاطر التي يتعرضون لها، ولكن المهم أيضاً في صدور أي مرسوم هو آليات تنفيذه بشكل يحقق الغاية التي صدر من أجلها. والذي يجري عادةً في مثل هذه الحالات هو تشكيل لجان تنفيذية مركزية، تتفرع عنها عدة لجان فرعية، واللجان الفرعية قد تصنف العمال على أسس غير واقعية أو حقيقية، لينتهي الموضوع بعد ذلك إلى ضياع جزء كبير من حقوق العمال المستحقين للتعويض، أي تضيع الحقوق في متاهات العمل الإداري، ذي الطابع المزاجي والبيروقراطي، ليكون الخاسر في النهاية العمال. وخسارة العمال لا تتم بفعل تلك اللجان فقط، بل هناك أيضاً الكثير من الحواجز والمعوقات التي لابد لحقوق العمال أن تتخطاها، دون أن تنجح بذلك في معظم الحالات، مثل موافقة وزيري المالية والصناعة. وتقييم هذين الأخيرين يتم عادةً على أساس توفر الموارد فقط، أي يتم تقدير حقوق العمال على أساس مالي، لا على أساس حماية العامل والمحافظة على صحته لكي يستمر بالإنتاج والعطاء، فهذا أخر ما يجري التفكير به على ما يبدو.

فمثلاً المرسوم صدر عام 2006، وقرار رئيس مجلس الوزراء صدر عام 2008، ولا ندري كم من الوقت تحتاج عمليات تصنيف العمال في كل موقع على أساس المخاطر التي يتعرضون لها، فمتى سيصدر القرار من الوزير المختص الذي سينسق مع وزير المالية لإعطاء إشارة البدء بالتنفيذ العملي؟

كذلك فإن المرسوم يشمل فقط عمال القطاع العام، بينما لم تتم الإشارة إلى أوضاع عمال القطاع الخاص، على الرغم من أن المعامل والشركات في القطاع الخاص لا تطبق معاير الصحة والسلامة المهنية والأمن الصناعي، حيث تطورت الصناعات في القطاع الخاص وأصبحت تنتج الكثير من المواد التي تدخل في صناعاتها مواد مسرطنة، دون أن تؤمن أدنى شروط السلامة المهنية لعمالها، مما يتطلب من النقابات ووزارة العمل الاهتمام بهذا الجانب المهمل، والذي لا يُعار أي اهتمام من أرباب العمل، لأنه قد يقلل من نسبة أرباحهم.

وفي الختام نقول إن موضوع الصحة والسلامة المهنية يحتاج إلى حملة وطنية واسعة لحماية صحة العمال في القطاعين العام والخاص من المخاطر.