ما العمل؟ ..مجلس النقابات قادم

ما العمل؟ ..مجلس النقابات قادم

مجلس الاتحاد العام للنقابات اقترب موعد انعقاده، وهناك جملة واسعة من القضايا والمطالب العمالية العالقة والمستجدة تحتاج لبحث واتخاذ قرارات ينعكس فيها تحقيق تلك المطالب والحقوق، التي ملٌت الكوادر العمالية وأيضاً العمال من تردادها على مسامع أصحاب القرار بشأنها، ولكن لا حياة لمن تنادي، ليبقى العمال يصرخون في واد وآذان المسؤولين في وادٍ آخر ليسوا بوارد سماعها، ليبقى حال العمال على ما هو وكأنك يا أبا زيد ما غزيت

هل للنقابات خيارات آخرى

النقابات خياراتها بقيت كما هي دون تغيير، وهو خيار الشراكة الكاملة مع الحكومات كما جرى التصريح بذلك لأكثر من مناسبة، وهذا الخيار لم تجر مراجعته أو النقاش العلني به كونه خياراً مجرباً، ولم يثمر عن نتائج حقيقية بما يخص حقوق العمال الأساسية وفي مقدمتها أجورهم الحقيقية، التي تنخفض كل يوم بسبب السياسات المالية والاقتصادية لمختلف الحكومات، التي ذهبت والتي هي الآن في سدة (القرار)، والتي ما زالت النقابات تراهن على فعل ما قد تقدم عليه الحكومة الحالية تجاه المطالب العمالية ومطالب عموم الفقراء، الرازحين تحت مطرقة الفقر اليومي الذي لا يرحم، ويجعل منهم العاطل عن العمل والمتسول والمهجر الذي يفترش الحدائق والساحات والأرصفة، والقابع في بيوت دون إكساء وتفتقر للحد الأدنى من شروط الحياة الإنسانية المفترض توفرها.

المجلس أمام مسؤولياته

مجلس الاتحاد العام هو أعلى سلطة نقابية وفقاً لقانون التنظيم النقابي 84، وهو يمتلك سلطة القرار وهذا يجعله أمام مسؤولية تاريخية تجاه الموقف المفترض اتخاذه للدفاع عن حقوق ومصالح الطبقة العاملة، التي تنتهكها قوى الفساد والرأسمال الكبير بشكل واضح وجلي، وعلى عينك يا تاجر، بالمقابل نجد تلك القوى الناهبة تحصل على التسهيلات والإعفاءات والتشجيع، الذي يؤمن لها تحقيق أعلى معدلات الربح، وهذا بالطبع يعني مركزة الرساميل والاستيلاء على المزيد من الثروة دون تكاليف تقلل من مستوى تحقيقها لأرباحها، وهذا كله بفضل السياسات الاقتصادية والمالية الليبرالية التي ترى بهذا الانفتاح على هذه القوى بأنه قاطرة النمو وخشبة الخلاص من الأزمات المتعددة التي يعيشها الاقتصاد السوري، بأنواعه وأشكاله كلها العام والخاص.

لقد حددت الحكومة برنامجها الاقتصادي لتجاوز آثار الأزمة الذي جوهره هو إقناع الرأسمال الداخلي والخارجي بالاستثمار، على أساس قانون التشاركية وقانون الاستثمار المزمع تطويره وتحسينه، باعتباره لم يعد يلبي طموحات المستثمرين، هذا هو برنامج الحكومة التي يجري الرهان عليها بأنها ستُقدم على إنجاز ما يختلف عن الدور الذي كانت تقوم به الحكومة السابقة، فما هو الفرق بين الحكومة السابقة واللاحقة؟ هذا سؤال برسم الكوادر النقابية وهي المجربة والعارفة بوعود الحكومة والتي من حقها النقاش فيه والقول الفصل بالمواقف الحكومية وسياساتها على الصعد المختلفة.

حل التناقض

هناك تناقض يسود موقف الحركة النقابية، وهذا يعبر عنه بشكل ومضمون العلاقة مع الحكومة كونها تطرح شريكاً للحركة النقابية، وبين الموقف من حقوق ومطالب العمال، وخاصةً أجورهم وتعويضاتهم ومنشآتهم التي تحتاج لاستثمار حكومي حقيقي يعيد تشغيلها بطاقات إنتاجية عالية، تؤمن نسب النمو المطلوبة للتنمية، بما فيها الأزمات المستعصية والمتراكمة مثل البطالة والفقر والتهميش والمستوى المعيشي المتدني جداً للعمال، والسؤال الملح طرحه والمفترض أن يجيب عليه مجلس الاتحاد العام للنقابات هو ( ما العمل لحل هذا التناقض والوضع المعيشي للعمال يزداد سوءاً وتتطور مطالبهم أكثر مع تعقد الوضع الاقتصادي من حيث تأمين الأدوات الكافية الكفيلة بانتزاع حقوق العمال، والضغط باتجاه تشغيل المعامل والاستثمار الفعلي فيها)؟

الحل السياسي والموقف المطلوب

 إن تطور الأوضاع السياسية بما فيها الاتجاه نحو حل سياسي للأزمة السورية، وبروز الكثير من المشاريع المواكبة للحل السياسي التي تطرح من قبل الأطراف الداخلية والخارجية التي تريد الاستثمار في مخرجات الحل السياسي، مثل إعادة الإعمار، حيث وضعت مختلف القوى مشاريعها ودراساتها وتصوراتها لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، بما فيها تلك القوى التي ساهمت ولعبت دوراً أساسياً في استمرار الأزمة وتطورها بالمناحي التي نراها الآن، هذا الواقع يفرض على الحركة النقابية والطبقة العاملة السورية أن يكون لها برنامجها وتصوراتها بهذا الخصوص من أجل قطع الطريق على تلك القوى الخارجية التي لها ركائز وامتدادات بالداخل، من الدخول تحت مسمى الاستثمار وإعادة الإعمار من الأبواب الواسعة التي فتحته لها السياسات الاقتصادية الليبرالية، وكانت مساهمة إلى حد بعيد بإنتاج الأزمة والتي إذا ما تمكنت من جديد وفق المتغيرات السياسية القادمة ستعيد إنتاج الأزمة ولكن بأشكال أكثر بشاعة.

ألا يحق لنا نحن العمال أن نوجه سؤالنا الأساسي للحركة النقابية ومجلسها الذي سيعقد قريباً(ما العمل لمواجهة تلك التحديات كلها)؟