ع.ياسين ع.ياسين

بصراحة: الأول من أيار...

في كل عام وفي مثل هذا الوقت يبزغ يوم جديد على الطبقة العاملة في كل أصقاع المعمورة مذكراً بنضالات العمال وصراعهم المرير مع الرأسمال العالمي من أجل حقهم بحياة كريمة في أوطانهم، وهذا ما لا يرغبه الرأسمال طواعية مما يعني، صداماً بين مصالح العمال ومصالح الرأسمال حيث أفضى ذاك الصدام وعلى مدار مئات السنين إلى تحقيق العمال الكثير من حقوقهم ومطالبهم المسلوبة والتي يحاول الرأسمال الهجوم عليها كلما سمحت الفرص له بذلك، مستخدماً في هجومه سياسة العصا والجزرة.

 والآن ومع اشتداد أزمة الرأسمالية تتعرض الطبقة العاملة في أنحاء العالم، وفي أوربا خاصة، إلى هجوم حقيقي على مكاسبها التي حققتها في مراحل سابقة دفعت خلالها تضحيات كثيرة، ابتداءً من كومونة باريس وليس انتهاءً بهذه الأيام التي تواجه فيها الطبقة العاملة أعتى القوى التي تريد تحميل الطبقة العاملة أزماتها كالعادة، لأن المكتسبات العمالية أصبحت تشكل عبئاً على الرأسمالية، ويعتبر الرأسماليون تلك المكتسبات غير مبررة ولابد من استعادتها إلى جيوبهم، وهذا يعني عودة الصراع الذي لم يتوقف مع العمال، ولكن هذه المرة عودته إلى الشارع بالشكل الذي شهدته ساحات أثينا وباريس وغيرها من المدن الأوروبية، حيث أخذ ينضم إلى العمال في نضالهم هذا قوى اجتماعية عديدة تضررت مكاسبها وحقوقها، فأخذت تساهم مع العمال في نضالهم وتنزل إلى الساحات معلنةً عن احتجاجها وغضبها على ما تقوم به القوى الرأسمالية من عمليات سلب ونهب لحقهم في (الضمان الصحي، والعمل، والسكن، والأجور، والمعاش التقاعدي.... إلخ)، وهذه القضايا كلها يعني فقدانها بالنسبة للأوروبيين شيئاً كثيراً بعدما عاشوا في فترات ما قبل الأزمة مستوى معيشياً جيداً، والآن لم يعد الوضع كما كان سابقاً، بل السائد الآن هو التسريح من العمل بالجملة لآلاف العمال والموظفين بسبب إغلاق الشركات والبنوك والمؤسسات، ما أدى إلى ازدياد أعداد المتشردين الذين يسكنون الساحات والشوارع.

إن الأزمة الرأسمالية في مرحلتها الحالية قد أصابت العمال ليس في أوروبا وأمريكا فقط، بل أصابت أيضاً طبقتنا العاملة بآثارها التدميرية، رغم كل التصريحات التي يطلقها عندنا جهابذة الحكومة واقتصاديوها بأن أثار الأزمة لم تؤثر على الاقتصاد السوري إلا قليلاً، وهذا الاقتصاد بمنأى عن أثارها كما نشاهدها في أوربا وأمريكا.

ولكن المثل الشعبي يقول: (إذا أردت أن تكذب أبعد شهودك)، والشهود كثيرون في واقعنا وتؤكد على انتقال الأزمة الرأسمالية وآثارها وتأثيرها على الاقتصاد الوطني وعلى العمال وحقوقهم بالاستمرار في العمل، فقد بتنا نرى إغلاق الكثير من الشركات وتسريح عمالها في القطاع الخاص، وهذا بشهادة الكثيرين من الصناعيين في مقابلات صحفية أجريت معهم يشكون فيها من آثار الأزمة، ومن السياسات الانفتاحية للحكومة التي أغرقت الأسواق بالبضائع الأجنبية وتركت الصناعة الوطنية تعيش في أزمة دون حماية أو مساعدة لها تقي الصناعة الوطنية والعمال شر إغلاق المعامل وشركات.

إن الطبقة العاملة السورية تفقد كل يوم بعضاً من حقوقها ومكاسبها التي تحققت لها بفعل نضالها وتضحياتها خلال عقود من الزمن، وهذه الخسارات التي يتعرض لها العمال تعني تدنياً في مستوى معيشتهم وهدراً لكرامتهم في أوطانهم وتنكراً لجهودهم التي بذلوها في سبيل بناء هذا الوطن والدفاع عنه، وهذا الواقع يضع القوى الوطنية والحركة النقابية أمام مسؤولياتها بالدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ومكاسبها، وبقاء هذه القوى تراوح في مكانها مكتفيةً بالندب والبكاء على حقوق العمال، يعني إمكانية أكبر لقوى السوق وممثليها الحكوميين بتطوير الهجوم على مكاسب العمال وحقوقهم، والذي كان آخرها قانون العمل الجديد الذي قدم صورة واضحة لمستوى المواجهة مع القوى المعادية لمصالح العمال.

إن الأول من أيار مناسبة لتشديد النضال ورفع مستوى الاستعداد الكفاحي من أجل حقوق الطبقة العاملة في أجر وقانون عادلين يمنحانها حق الدفاع عن مصالحها..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.