قرارات حكومية مرتجلة، والنقابات تعترض وتتساءل!!

صناعة الغزل والنسيج من أعرق الصناعات الوطنية في سورية وأقدمها، وكان لهذه الصناعة في زمن مضى أهميتها الاقتصادية، وكانت القطاع الاستراتيجي الثاني بعد النفط. ولها بعد إستراتيجي مستقبلي يعول عليه في رفد الاقتصاد الوطني بموارد كبيرة، من خلال تطويرها وتحديثها وتوسيعها بما يسمح بتصنيع كامل إنتاج سورية من القطن المحلوج، وبالتالي تأمين فرص عمل أكبر، وتحقيق قيمة مضافة تسهم في زيادة الدخل القومي.صناعة الغزل والنسيج من أعرق الصناعات الوطنية في سورية وأقدمها، وكان لهذه الصناعة في زمن مضى أهميتها الاقتصادية، وكانت القطاع الاستراتيجي الثاني بعد النفط. ولها بعد إستراتيجي مستقبلي يعول عليه في رفد الاقتصاد الوطني بموارد كبيرة، من خلال تطويرها وتحديثها وتوسيعها بما يسمح بتصنيع كامل إنتاج سورية من القطن المحلوج، وبالتالي تأمين فرص عمل أكبر، وتحقيق قيمة مضافة تسهم في زيادة الدخل القومي.

ماذا حدث:
لم تعد لهذه الصناعة أهميتها، ولم تعد قطاعاً استراتيجياً، ولم يعد يعول عليها بعد الانفتاح الاقتصادي واقتصاد السوق والعولمة. تركت شركات الغزل والنسيج لمصيرها أمام المزاحمة والمنافسة وانفتاح الأسواق، وتركت أيضاً دون تطوير أو تحديث على كافة الأصعدة الإدارية والفنية والعمالية والقانونية، وكانت النتائج توقف شركات عديدة عن العمل، وخسارة شركات أخرى، وبات انهيار شركات أخرى وشيكاً.
في الغزل:
انخفضت نسبة تنفيذ الخطط الإنتاجية في معظم الشركات.
ارتفعت تكاليف المنتج النهائي لمجموعة من الأسباب:
ارتفاع أسعار الأقطان.
وجود بطالة مقنعة ناتجة عن سوء توزيع اليد العاملة.
 المنافسة الشديدة في الأسواق العالمية، وعدم وجود دعم للصادرات أسوة بالدول الأخرى التي تدعم صادراتها.
نقص الخبرات العملية ووجود نسبة من العمال كبار السن ومرضى.
ارتفاع حصة الاهتلاكات من التكلفة.
ضعف التسويق وتراجع المبيعات بسبب المنافسة في السواق الخارجية.
وجود كمية كبيرة من المخازين.
عدم تحديث واستبدال للآلات القديمة في شركات عديدة.
خسائر لشركات عديدة في غياب المحاسبة.


النسيج القطني:
انخفاض نسبة تنفيذ الخطط الإنتاجية في هذه الشركات كافة.
توقف أقسام الغزل في بعض هذه الشركات، بسبب قدمها وعدم الموافقة على تجديدها وتدني الإنتاجية.
سوء نوعية الخيط المنتج في أقسام الغزل، وسوء نوعية المنتج في أقسام النسيج النهائي بسبب قدم آلات الغزل.
تراجع إنتاج التجهيز النهائي صباغة وطباعة، ووجود عيوب في الإنتاج مما سبب وجود نسب عالية من المنتجات المصنفة نخباً ثانياً وفضلات، وكل ذلك بسبب نقص الخبرات.
ارتفاع تشغيل وبيع الأقمشة الخامية على حساب الأقمشة المجهزة، مما يقلل من القيمة المضافة المحققة، وبالتالي الأرباح.
الاستمرار بإنتاج أصناف غير مسوقة ولا تعطي جدوى اقتصادية.
انخفاض المبيعات عاماً بعد عام لأسباب عديدة منها:
المنافسة الشديدة بالأقمشة المستوردة والممزوجة.
تراجع استجرار جهات القطاع العام، وقيام جهات بدفع أموال القطاع العام لجهات صناعية أخرى.

شركات السجاد:
الشركة العامة لصنع السجاد بدمشق تتألف من فعاليتين الأولى في دمشق والثانية في السويداء، وتنتج هاتان الفعاليتان كافة أنواع السجاد الآلي والصوفي وبكافة القياسات.
وهناك الشركة العامة للأنسجة الحريرية، وهذه الشركة تتكون من عدة معامل صغيرة أضيفت لها صالة السجاد الصوفي، وتنتج مختلف أنواع الأقمشة الحريرية والصنعية والسجاد الصوفي والسجاد الشعبي والسجاد الآلي.
شركات السجاد هذه خسارتها مئات الملايين سنوياً، إضافة إلى وجود مخازين في مستودعاتها بمئات الملايين إضافة إلى تشابكات مالية وديون مترتبة لهذه الشركات على الغير، وديون مترتبة على الشركة للغير. طبعاً هناك أسباب ولكن ليست من صنع الأقدار، منها:
قدم الأنوال في شركات السجاد، وتدني إنتاجيتها، وسوء نوعية المنتج، وعدم القدرة على منافسة السجاد الصوفي المنتج في القطاع الخاص، إضافة إلى نمطية الإنتاج ومحدودية الرسم والألوان وارتفاع التكلفة وعدم القدرة على المنافسة. ومن أسباب ارتفاع التكلفة:
ارتفاع كلفة الخيط الصوفي المنتج في شركة أصواف حماة.
تدني الإنتاجية لشركتي السجاد في دمشق وحلب.
سوء توزيع اليد العاملة.
وجود نقص في العمالة الفنية.
وجود مخازين كبيرة، وتزايد مديونية الشركات وتراجع التسويق.
 
أسهل الحلول:
أسهل الحلول لإنقاذ شركات السجاد من الخسارة ليس بإصلاح وتحديث الخطوط الإنتاجية في هذه الشركات لكي تستطيع الاستمرار والمنافسة مع ما هو مستورد وما هو من صنع القطاع الخاص، وليس بفرض رسوم إغراق على المستورد من كافة دول العالم، وإنما بقرار حكومي يقضي بدمج شركة أصواف حماه الرابحة مع شركات السجاد الخاسرة!!!
 
شركة الأصواف:
شركة رابحة ومتخصصة ووحيدة في سورية بفرز وغسيل وتصنيع الخيوط الصوفية، وتبلغ نسبة تنفيذ خططها الإنتاجية أكثر من /80%/، ونسبة المبيعات /80%/، وتعاني هذه الشركة من عدم توفر السيولة المالية بسبب ديونها على شركات السجاد البالغة /800/ مليون ل.س.
اللجنة النقابية في شركة أصواف حماه، وجهت مذكرة إلى الاتحاد العام لنقابات العمال جاء فيها:
«نشكر جهود الاتحاد العام في الدفاع عن شركات القطاع العام والعاملين فيها، ومطالبته الحكومة بحل النشاطات المالية بين الشركات، وإعداد دراسة كاملة وشاملة وبشكل علمي ومدروس لواقع شركة الأصواف وشركات سجاد دمشق وحلب، لتصبح من الشركات الرابحة بدلاً من دمجها وتركها تلحق بالشركات الخاسرة، والدفع بعمالها إلى المجهول، مع الإشارة إلى أن شركة الأصواف لا تزال حتى تاريخه من الشركات الرابحة بفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون كافة وفي جميع مفاصل العمل في ترشيد الاستهلاك ومحاربة الهدر بجميع أشكاله (عمالة ـ مواد أولية ـ مصاريف وإجراء التجارب) حتى تمكنت في الآونة الأخيرة من إنتاج أنواع جديدة غير خيوط السجاد، حيث يتم حالياً إنتاج خيوط البزات العسكرية لمصلحة مؤسسة معامل الدفاع (معمل /803/) وخيوط للقطاع الخاص، وأن عملية الدمج فيما لو تمت ستكون النهاية لشركة الأصواف وتحويلها من شركة رابحة إلى خاسرة حتماً، وأن ما يطرح من شعارات براقة من أن عملية الدمج للشركات الثلاث هو من أجل تكامل العملية الإنتاجية فيها وإصلاحها، فإننا نتساءل:
لماذا لم تبادر المؤسسة النسيجية حتى الآن بدمج شركات الغزل مع شركات النسيج لتكامل العملية الإنتاجية أيضاً؟
لا فائدة من عملية الدمج، وإن القرار ارتجالي ولم يأخذ برأي القيادات النقابية القاعدية والتي لا تعلم على ماذا تبنى إيجابيات هذا الدمج.
إننا نتساءل: هل صدور قرار الدمج سيدع السيولة المالية تتدفق على الشركة المدمجة، بحيث تغطي كافة النفقات. لا نظن أن هذا القرار سيغير أي شيء سوى نقل الإدارة إلى إحدى الشركات، وممارسة المركزية بشدة عنيفة نتيجة بعد التوزع الجغرافي لهذه المعامل، ما سيؤدي إلى توقف العمل أو عرقلته في أحسن الظروف.
ولكن وجدنا أن الخاسر من عملية الدمج هو الشركات الثلاث، والمستفيد الوحيد هو المؤسسة النسيجية التي ستحل مشكلة التشابكات المالية بين شركة الأصواف وشركات السجاد بإطفائها، وهذا حل مؤقت لن يتعدى الشهور قبل أن تنهار الشركات الثلاث معاً.
كان الأولى بالمؤسسة النسيجية أن تناقش الأمر بشكل عملي مع إدارات هذه الشركات، بدلاً من أن تمرره بعيداً عن أي دراسة علمية لإصلاح هذه الشركات.
كلنا على ثقة بأن قياداتنا النقابية والسياسية وعلى رأسها الاتحاد العام لنقابات العمال ستقوم بالدفاع عن شركات القطاع العام والعاملين فيها، والمطالبة بإعداد دراسة علمية لواقع شركات الأصواف والسجاد، ووضع الحلول المناسبة لمشاكلها والعمل على إصلاحها، ومن ثم تطويرها لتصبح من الشركات الرابحة بدلاً من دمجها وتركها تلحق بالشركات الخاسرة ومن ثم توقفها وتشريد عمالها».
وهكذا الحكومة تصدر قرارات سهلة ومرتجلة ونتائجها عكسية، وكما تقول المذكرة فإن الشركات الثلاث سوف تصبح خاسرة، وهنا تدخل مجموعة جديدة إلى السوق السورية من سماسرة وتجار لاستيراد الخيوط الصوفية. شركة الأصواف لها ديون على شركات السجاد /950/ مليون ل.س، وعملية الدمج دون تطوير وتحديث شركة الأصواف يعني مقتل هذه الشركة، والمؤسف أن حل التشابكات المالية بين شركات ومؤسسات القطاع العام هو حديث الحكومة منذ أكثر من خمس سنوات، ولكن يبدو أن هذه القضية بحاجة إلى خبراء من الجايكا أو من البنك الدولي، أو خبراء اكتواريين لعقد ندوات وحل المشكلة!!

آخر تعديل على الإثنين, 19 كانون1/ديسمبر 2016 01:12