عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة: مؤتمر العمل الدولي... قرارات وتوصيات ولكن؟

عقد مؤتمر العمل الدولي اجتماعاً في دورته التاسعة والتسعين ضم ممثلين عن العمال والحكومات وأرباب العمل، وقد شارك الوفد السوري بممثلين عن أطراف الإنتاج الثلاثة.

ولعل من أبرز المواضيع التي جرى نقاشها أوضاع العمال العرب في الأراضي المحتلة وموقف العدو الصهيوني من قافلة الحرية والأزمة الاقتصادية العالمية وما خلفته من أزمة إضافية للعمال من حيث ازدياد نسب البطالة وتسريح الآلاف من العمال وزيادة سن التقاعد لخمس سنوات، حيث عمت الإضرابات والمظاهرات العمالية معظم دول أوروبا احتجاجاً على الإجراءات التعسفية التي تقوم بها الحكومات لتقليص حقوق العمال استناداً لما يطرحه صندوق النقد الدولي بالتعاون مع هذه الحكومات من أجل تقليص آثار الأزمة العالمية على مصالح الرأسماليين وللخروج منها بأقل الخسائر، وهذا لن يتم من وجهة نظر هؤلاء الرأسماليين وحكوماتهم إلا بالهجوم السافر على حقوق العمال ومكاسبهم التي تحققت بفعل النضال الطويل الذي خاضوه من أجل هذه الحقوق.

واللافت للنظر في هذا المؤتمر موقف الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي الرفيق جورج مافريكس وخصوصاً تأكيده على أن (الطبقة الحاكمة تحاول إقناع الشعوب بأن الأزمة والصعوبات مؤقتة»، مضيفاً «إننا كاتحاد نقابات عالمي لا نؤمن بهذا التحليل، ونستند إلى التحليل الذي قام به ماركس حول الأزمات الدورية التي تتكرر، لأن الأزمات مزروعة في الحمض النووي للرأسماليين».

الغريب المدهش أن هذا المؤتمر، وما طرح فيه من قضايا، يعكس واقع العلاقات الحميمية بين أطراف الإنتاج الثلاثة، وهذا تؤكده مجموعة التوصيات والقرارات التي صدرت في ختام أعماله التي لم تظهر أي صراع بين هذه الأطراف!!، ولا يغير من الأمر شيئاً موقف بعض القيادات النقابية التي تعي أبعاد الأزمة الرأسمالية العميقة ومخاطرها على مصالح العمال، كما أشار إلى ذلك أمين عام اتحاد النقابات العمالي.

وما نود أن نسأل عنه بهذا الصدد هو: هل الوفود العمالية المشاركة في هذا الاجتماع السنوي بتزكية من الحكومات نفسها ومن أرباب العمل، كانت قادرة على اتخاذ قرار المواجهة مع أرباب العمل سواء في القطاعات العامة أو الخاصة دفاعاً عن حقوق العمال ومكاسبهم؟؟ بالتأكيد لا!، خاصةً وأن معظم الحكومات المشاركة وفودها في هذا الاجتماع قد وافقت على اتفاقيات العمل الصادرة عن منظمة العمل الدولية والتي هي واجبة التطبيق كاتفاقية تشغيل الأحداث وخدم المنازل وحرية العمل النقابي والحريات الديمقراطية واستقلالية عمل النقابات بما فيها الحق بممارسة الإضرابات العمالية.. إلخ من الاتفاقيات، ولكنها لا تلتزم بذلك على الإطلاق.

إن الأموال الطائلة التي تصرف من أموال العمال من أجل تغطية تكاليف حضور هذه الاجتماعات لا توازي أبداً الجهود التي تبذلها النقابات من أجل الدفاع عن حقوق العمال، حتى أصبح التساؤل على كل لسان عن جدوى حضور مثل هذه الاجتماعات، وعن جدوى صرف الأموال لمهمات لأعضاء الوفود طالما لا يجري عكس التوصيات والقرارات التي تصدر عن مثل هذه الاجتماعات في برامج عمل النقابات، التي بدورها تحدد أشكال النضال المفترضة للدفاع  عن حقوق العمال ومكاسبهم.

إن ما نشهده الآن هو تراجع واضح في دور النقابات من حيث دفاعها عن المطالب العمالية، ومن حيث توافقها إلى حد بعيد مع برامج حكوماتها الاجتماعي المستند إلى تعليمات صندوق النقد الدولي، ولهذا نشهد نهوضاً عمالياً في بعض البلدان العربية خارج المظلة النقابية التابعة للعدو للطبقي، كما حدث في الإضرابات التي يخوضها العمال في مصر بعيداً عن النقابات ومشاركاتها وحتى بعيداً عن أي دور حقيقي للأحزاب، حيث بدأت الحركة العمالية بصفع قياداتها من داخلها ومن داخل المعارك التي تخوضها في مواجهة الرأسماليين الجدد والمستثمرين الذين يحظون بالرعاية الكاملة من الحكومات وعلى حساب حقوق العمال الذين وعوا أبعاد هذه التوجهات وآثارها الكارثية على مستقبلهم وعلى مستوى معيشتهم، لذا أخذوا ينظمون أنفسهم وراحوا يبتدعون الأشكال المناسبة التي تساعدهم على تحصيل حقوقهم كحق الإضراب والتظاهر، وهذا ما دعا إليه الأمين العام لاتحاد النقابات العالمي في كلمته أمام المؤتمر في جنيف، حيث أكد  على أن أمل العمال يكمن في النضال، وفي اشتراك الشباب والنساء والمهاجرين والسكان الأصليين في هذه المعارك، ونبه أيضاً على ضرورة ألا يدفع العمال ثمن هذه الأزمة وأن يحظر الفصل من الخدمة ووقف الإنفاق على المعدات العسكرية وتخصيص هذه الأموال للعاطلين عن العمل والفقراء.

فهل سيكون لهذا الكلام صدىً في بلادنا؟؟