بصراحة:ما تركولنا شي؟

«ما تركولنا شي» عبارة رددتها عاملة كتعبير عن حالة الغضب الشديد الذي انتابها لرفع أسعار المشتقات النفطية، الذي أقدمت عليه الحكومة قبل رحيلها بدم بارد، وليس في حساباتها حجم الكارثة التي سيصل إليها ملايين السورين القابعين تحت خيمة الفقر والعوز الشديدين جراء سياساتها وقراراتها، التي أقل ما يقال فيها بأنها قرارات جائرة تعبر عن مصلحة الناهبين الكبار لما تبقى من الثروة.

 

 

إن صراخ هذه العاملة «ما تركولنا شي» هو لسان حال العمال في مواقعهم وأماكن عملهم كلها، وهي تعلم بتجربتها المرة مع الحكومات السابقة واللاحقة جميعها التي عملت على إفقار الفقراء بسياساتها التي يبررونها دائماً بأنها لصالح البلاد والعباد، مثلها مثل ملايين الفقراء، ومنهم العمال، بأن هذا الرفع للأسعار سيزيد من بؤسهم وسيعمق فقرهم أكثر، لأن القروش التي يتقاضونها كأجور هي هزيلة لا تقوى على سد الاحتياجات لأيام معدودات، ومع هذا يمننون العمال بأن الزيادة التي جاءت كتعويض عن غلاء المعيشة هي مكلفة للحكومة وسترتب أعباء عليها، ولا تكفي زيادة أسعار المشتقات النفطية لتغطيتها هذا جانب، والجانب الأخر هو ما تم من «زعبرات» في نقاش رفع الأسعار، على أساس أن قرار الحكومة دستوري أو غير دستوري!، بينما المنطق يقول، إذا كان هناك منطق، أن النقاش كان المفترض أن يكون هو: ما مدى دستورية تجويع العباد وحرمانهم من حقهم في ثروتهم التي ينتجونها؟.

لقد انقسم القوم بين الموقفين، وأكملوا مسرحية عدم الرضى تاركين المساكين وأهل السبيل يغوصون ويغرقون في أزمتهم المعيشية، التي يبدو أنها مستعصية على الحل ولا فكاك منها، طالما بقيت السياسات الاقتصادية تنتهك حقوق الفقراء بكل «حريه» بينما العمال والفقراء مكبلة حريتهم بالدفاع عن لقمتهم بآلاف القيود التي وضعها سارقو لقمتهم وكلمتهم.

إننا نحن الفقراء نعلن بصوت عال براءتنا منكم ... لأنكم شركاء في جوعنا وفقرنا وحرماننا، وزعبراتكم القانونية لن تنطلي علينا .... نحن سنعرف طريقنا لاسترداد  وطننا وثروتنا منكم ... لن نخسر سوى قيودنا التي كبلتمونا بها ولكن سنربح لقمتنا وحريتنا ووطننا.

هذا هو خيارنا.