عمال (الشرق)..  وسطي أجور 28 ألف ليرة فقط!

عمال (الشرق).. وسطي أجور 28 ألف ليرة فقط!

يعمل في معمل الشرق لصناعة الألبسة الداخلية وأقمشة التريكو اليوم 400 عامل تقريباً.. حالهم كحال أصحاب الأجور في سورية، والغالبية العظمى من السوريين، يعملون ساعاتهم الطويلة وينالون أجوراً لا تعادل تعبهم، ولا تكفي لقوتهم وقوت أسرهم..

وسطي الأجور في سورية يقارب 26500 ليرة، وبعد زيادة الـ 7500 سيرتفع هذا الوسطي إلى 34 ألف ليرة شهرياً.. أما في المعامل فإن وسطي الأجور يبقى منخفضاً، حيث أن الأجر في سورية المصنف وفق الفئات، لا ينصفهم في الأجور، ولا في طبيعة العمل، ولا في نظام الحوافز.. وهو لا ينصف أي صاحب أجر أياً كانت فئته، بعد أن أصبحت تكاليف معيشة الأسرة في دمشق، تفوق 220 ألف ليرة شهرياً..

يقول أحد العمال: (الحكومة شو بدها؟! أعطونا الـ 7500 ليرة، وأخدوا مننا زيادة عن كل شي منشتريه من السوق، الأفضل يكفّو إيدن لا يزيدو ولا ينقصو، أرحم!)

13 مليون شهرياً لـ 400 عامل

تقول لنا إحدى العاملات في قسم الخياطة: (28 عام بالمعمل.. وراتبي قريب الـ 30 ألف، 7000 ليرة بالتسعينيات كانت تشيل و30 ألف اليوم ما بتطعمينا!)

وسطي الرواتب في المعمل أقل من 28 ألف ليرة، حيث أن كتلة الأجور تبلغ 13 مليون ليرة شهرياً موزعة على 400 عامل، وبعد اقتطاع ضريبة الدخل والتأمينات، نصل إلى هذا الأجر الوسطي المخزي..

إحدى العاملات وبإجابة عن سؤال: (كيف عايشين؟) قالت: (الله أعلم.. بالدّين عم نزت الدين من شهر للشهر اللي بعدو، وآخرتها ما حدا بيعرف!).

أما بالنسبة للحوافز، فهي تقارب وسطي 700 ليرة شهرياً للعامل، إلا أنها تتباين بين الأقسام، فتكون مرتفعة نسبياً في قسم إنتاج الأقمشة، والصباغة، ومنخفضة نسبياً في قسم الخياطة، حيث تختلف حسب حجم الإنتاج، فتصل بعض العاملات على آلات الخياطة إلى 1500 ليرة شهرياً حوافز، بينما لا تتعدى حوافز البعض 300 ليرة شهرياً.

وبالأحوال كلها يقارن العمال بين حوافز نهاية التسعينيات، والحوافز حالياً من حيث النسبة من الراتب، عندما كان العامل يستطيع أن يصل إلى حوافز 5000 ليرة، مقابل راتب 7000 ليرة، بينما أقصى حافز اليوم قد يصل إلى 3000 من راتب 28 ألف ليرة سورية.

نقص العمال.. زيادة الضغط

ملاك المعمل كان 1250 عامل عند التأسيس، وقد تراجع عدد العمال في عام 2010 إلى 693 عامل، وتراجع في عام 2015 إلى 408 عمال. أي أن المرحلة السابقة خسّرت المعمل 557 عامل، بينما الحرب وسنواتها الخمس خسرته 285 عامل.. 

يعمل في معمل الشرق 233 امرأة، و 175 رجل، بمجموع 408 عمال، بعد أن كان عدد العمال في عام 2010: 693 عامل، 457 منهم نساء، و 236 رجال..

تراجع عدد العمال، يشكل ضغطاً على العمال، وتحديداً في أقسام النسيج وصناعة الأقمشة، والصباغة، يقول لنا أحد العمال: (أحياناً بوصل الأيام ببعضها بالمصبغة لأحصل على حافز أو مكافأة أو إضافي وزيد راتبي 3000 ليرة، بس شو بتعمل 3 آلاف ولا عشرة هالأيام! ولاشي.. بهالرواتب كأنو عم يحكولنا انحرفوا غصباً عنكم)..

28 عامل فقط.. تحت الأربعين عاماً!

يشيد العمال بخدمات الطبابة بالمعمل، حيث فاتورة الطبابة الشهرية 10 ملايين ليرة، تقول الإدارة أنها تحاول أن توفر فيها وتستخدمها للضرورات الصحية، لتأمين العمليات والأدوية والعلاج بشكل كامل..

يقول أحد العمال: (السنة الماضية 3 عمليات قلبية عحساب المعمل، بالطبابة ما بيقصرو، بس نحنا تعبنا..)

 إلا أنه من الطبيعي أن تزيد التكاليف الصحية للعمال في ظروف العمل الصعبة في قطاع النسيج عموماً، وساعات الجلوس الطويل وراء آلة الخياطة. وتحديداً أن 28 عامل فقط من عمال المعمل الـ 400 هم تحت سن الأربعين!..

عقود 3 شهور مضيعة للوقت

الحكومة وافقت في نهاية العام الماضي على تعيين عقود سنوية في المعمل لـ 150 عامل، قد تشكل أساساً لحل مشكلة نقص العمالة، المشكلة التي تعتبر واحدة من أهم مشاكل المعمل، التي ارتأت الحكومة طوال الأزمة أن تحلها بطريقة عقود 3 شهور!

تقول لنا عاملة خمسينية بينما نقف أمام آلة خياطة تعمل عليها عاملة عشرينية متدربة: (هيك ما بيمشي الحال نحنا مندرب العاملات، وهني بيبعتون عالبيت بعد 3 شهور! مو حرام نتعب عتدريبن وبعد 3 شهور يخسرو شغلن ونخسر تعبنا ونرجع من أول وجديد؟!..)

عمال من أرجاء البلاد..

انتقل إلى المعمل عمال مندبين من المحافظات، 60 منهم من إدلب، و 20 من دير الزور، وعمال آخرين من حلب وغيرها.. تختلف طبيعة عمل العمال المندبين، عن العمل في المعمل، فجزء منهم من معامل الغزل، وقلة منهم من معامل صناعة الألبسة، ولذلك فإنهم لا يستطيعون أن يسدوا ثغرة نقص العمال الموجودة في المعمل..

إحدى العاملات انتقلت حديثاً من دير الزور قالت لقاسيون: (بالدير كنت إدارية، هون صرت بقسم الخياطة، عم دبر حالي سلموني شغل سهل، زوجي بالدير تحت الحصار وأنا صرلي أطلع مع ابني.. ما عاد فينا نضل ما في أكل للصغير).

أما العاملة التي انتقلت من حلب فتقول: (خسرنا بيوتنا ومدينتنا.. عم حس حالي غريبة حتى بالمعمل)..