(قاسيون) تلتقي عمال اسمنت عدرا

تختلف ظروف العاملين في معمل (اسمنت عدرا) عن غيرهم من العمال فالطبيعة الشاقة للعمل, ودرجات الخطورة العالية التي تحيط بهم كيفما تحركوا ضمن عملهم, هي السمة الأوضح هناك, ولكن ذلك لا يمنعهم من الاستمرار في العمل, فهو حسب قولهم معملهم هم, ومصدر عيشهم الوحيد.

 

نقص العمالة المدربة والفنية

يشتغل في معمل (أسمنت عدرا) 685 عامل يتوزعون على مراحل الإنتاج كافة، ويعملون وفق ثلاث ورديات، كل منها 24 ساعة،، كل وردية 24 ساعة عمل، يرتاح العامل بعدها لمدة يومين.

 وهذا العدد من العمال لا يطابق العدد الكلي المسجل على الملاك العددي للمعمل قبل الأزمة والبالغ 1000عامل، وعن عدد العمال عند التأسيس البالغ 1700 عامل عندما كانت الآلات حديثة وحاجتها للعمال والمراقبين أقل!

خسر المعمل قرابة ثلث عماله، وهذا النقص الحاصل قد أثر سلباً على سير العملية الإنتاجية ولكن تم استدراكه من خلال تشغيل العمال المندبين إلى الشركة من منشآت عامة أخرى، توقفت أو تعثر إنتاجها كشركة (الخماسية) للغزل والنسيج التي ندبت أكثر من 94 عاملاً لأسمنت عدرا حتى نهاية الشهر الرابع، وتجري دراسة ندب عدد إضافي خلال الأسابيع القادمة، ناهيك عن عشرات العمال المندوبين من معامل وشركات أخرى. هذا الندب لم يحقق الغاية المرجوة منه بشكل جيد، حيث تقديرات إدارة الشركة بأن الاستفادة من كفاءة العمال المندبين لا تتجاوز 15% من قدراتهم، بسبب اختلاف طبيعة الأعمال، حيث يفتقد العمال المندبين الخبرة الفنية والمهنية المطلوبة لصناعة الاسمنت، ويعتبر هذا من الأسباب التي دفعت مركز التدريب المهني حاليا إلى إطلاق عدة دورات لتأهيل وتدريب العمال بشكل دوري كي يستفيد منهم لاحقاً على خطوط الإنتاج، وحسب ما ذكر لنا مدير المعهد فإن الشهر القادم سوف يشهد انطلاق دورة جديدة مخصصة للتدريب على الأفران التي تعمل على الغاز والفيول.

كما أن الشركة ستعلن قريباً عن مسابقة لتعيين حوالي 163 عامل، من الفئة الثانية، من حملة المعهد المتوسط.

بين الخطورة والمشقة

يتوزع العاملون في اسمنت عدرا على الأقسام كافة من المقالع بين الكسارات العملاقة، مروراً بقسم الفرز والأفران والطحن، انتهاء بالتعبئة والتفريغ بالشاحنات ويعتبر العمل في المقالع أخطر المراحل حيث ترتفع نسبة تعرض العمال لإصابات عمل. وأما في الأقسام الأخرى فإن ذلك الخطر ينخفض نسبياً ولكنه يأخذ طبيعة أخرى كما في قسم التعبئة الآلية حيث ينتشر الغبار ويصعب التنفس إلا بمساعدة الكمامات فيما يعتبر الاقتراب من الأفران وحرارته العالية أمراً مستحيلاً من شدة الحرارة. أما عملية تفريغ أكياس الأسمنت الجاهزة بالشاحنات فهي عملية صعبة جداً حيث يزن الكيس الواحد 50 كغ ويتطلب صفه بالشاحنة، حمل الكيس ووضعه أرضا بحركة دائمة ومكررة وبعاملين فقط لكل خط تعبئة. ويقوم بجزء من هذه العمل عمال عتالة مياومين يشغلهم المعمل عن طريق متعهد عمالة متعاقد مع المعمل على صيغة ساعات عمل ويشتغل أغلب هؤلاء في وضع الختم الذي يوضح تاريخ التعبئة على الأكياس والتنظيف وأعمال أخرى بسيطة..

العمال يعيدون تأهيل الأفران بكلفة (صفر)

في ظل التوقف الذي حصل بالعام الماضي وخروج فرنين من الأفران عن الخدمة استطاع العمال والفنيون والذين لم تتجاوز نسبتهم في ذلك الحين 40% من الملاك العددي إعادة تأهيل الفرنين، رغم أنه لا يوجد تخصيص مالي ولم تتوفر قطع التبديل وأوضح لنا أحد العمال الفنيين بأنهم ذللوا الصعوبات كلها بمبادرتهم الخاصة وبالتعاون مع الإدارة فأعادوا استخدام القطع القديمة بعد تهيئتها واستطاعوا بأقل من شهرين أن يعيدوا تأهيل الفرنين خاصة بأن المعمل كان متوقفاً بشكل كامل بسبب الظروف الأمنية المحيطة وانقطاع التغذية الكهربائية فوجدوها فرصة سانحة كي يقوموا بأعمال الصيانة والتأهيل كاملة وبكلفة صفر, ولخص لنا عامل فني مخضرم الفكرة بقوله ( انقطعت الكهربا وبدل أن ننام وننتظر عودة التغذية توجهنا لأعمال الصيانة وأعدنا تأهيل الفرنين والقصة لا تحتاج سوى لإرادة ومخ نظيف والحمد الله هاد موجود عنا بالمعمل).

طبيعة عمل رمزية وح

وافز غير عادلة

عبر العمال عن خيبتهم وعجزهم أمام التدهور الحاد لوضعهم المعيشي جراء الأجور التي تفقد قيمتها الشرائية كل يوم ناهيك عن إحساسهم المزمن بالظلم جراء النسبة التي يأخذونها كزيادة على الأجر تحت مسمى طبيعة عمل والبالغة 3% ليؤكدوا على أن طبيعة عملهم القاسية والخطرة والتي تسبب أمراض مهنية تستحق أعلى درجات الزيادات، ليعتبروا أن نسبة التعويض هذه غير عادلة، عداك عن تذمرهم من طريقة حساب الحوافز الإنتاجية حيث أوضحوا لنا بأن معايير احتساب هذه الحوافز لا تتناسب مع الوضع الراهن وبأنها فقدت صلاحيتها منذ عقدين وأكثر فلا قيمة لحافز إنتاجي اليوم إذا لم يصل لنسبة 30% من الأجر وأكثر وبأن الألفين والثلاثة المدرجة كحوافز إنتاج لا تتناسب مع الجهد المبذول والإنتاج المرتفع من جهة ولا مع ضرورات المعيشة من جهة ثانية.

الإدارة كانت أشارت إلى أن الحوافز تصل في الشركة إلى 10 آلاف شهرياً، وبين 3000  ليرة شهرياً، و 10 آلاف، تكمن مشاكل نظام الحوافز السوري الذي لم يعدل، والذي يصل وفقه لرؤساء الأقسام والإدارات نسب حوافز أعلى من حوافز العمال على خطوط الإنتاج.

المالية تحرم العمال من الأرباح بحجة (ورقة)

استحق العمال في نهاية العام الماضي 2015 نسبة من الأرباح التي حققتها الشركة وفق القانون المعني بذلك، ولكنهم حرموا منها بسبب الإجراءات البيروقراطية وغير المبررة. فالإدارة طلبت الموافقة على توزيع هذه النسبة من الأرباح التي تقدر بـ25000 لكل عامل تقريباً ولكن وزارة المالية لم توافق على ذلك بحجة أن الشركة لم تقدم (وفق المواد القانونية) في بداية العام توقعاتها الربحية. مع العلم أن الإدارة لم تقم بهذا الإجراء بسبب الوضع غير الواضح لظروف عمل الشركة التي قد تضطر للتوقف، نتيجة عدم توفر الوقود، أو عدم وصول التغذية الكهربائية.

حيث أن وزارة المالية، لم تقدم استثناءات للقانون الشكلي البيروقراطي، في الظروف الحالية. فما الذي يبرر ضرورة توقع الربح والتقدم مسبقاً بطلب توزيع نسبة ربح للعمال الذين ينتجون المال العام الذي تديره وزارة المالية!

إدارة المعمل تقول بأنها بادرت منذ بداية العام الحالي بإرسال الورقة المطلوبة للمالية، بتوقعات الربح تفاديا لتكرار هدر حقوق العمال.

31400 وسطي الأجور

كتلة الرواتب خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2016 بلغت 64,58 مليون ل.س، لحوالي 685 عامل. إلا أن كتلة الرواتب مع الحوافز والتأمينات وضرائب الدخل في عام 2015 بلغت 616 مليون ليرة، ما يعني أن وسطي الأجور لحوالي 685 عامل يبلغ 74 ألف ليرة سورية، والفارق بين الوسطيين، جزء منها هو الحوافز والمكافآت التي يأخذها العمال، والتي تتراوح بين 3000 و 10 آلاف شهرياً، حسب الإنتاج، وموقع العامل في العملية الإنتاجية، وجزء آخر هو اقتطاعات ضرائب الدخل، والتأمينات وغيرها.

إلا أن كتلة الأجور البالغة 616 مليون ليرة في عام 2015، لا تتجاوز 10% من قيمة المبيعات، البالغة قرابة 5,8 مليار ليرة في عام 2015، بنسبة 19% تقريباً من مبيعات المؤسسة العامة للاسمنت.