بصراحة:المال له أرباب تحميه.. العمال من يحميهم؟

المراحل السابقة للأزمة الوطنية؛ كان هناك تبنياً معلناً وواضحاً، من قبل الحكومات التي توالت تباعاً، على إرضاء وتطمين قوى رأس المال، الأجانب منهم والمحليين، بأكثر من شكل وطريقه. وعقدت لأجل هذه الغاية العشرات من الندوات والمنتديات، في الداخل والخارج، صرفت عليها المبالغ الطائلة. 

لم لا؟ فمشاريع الاستثمار وجلب الأموال «محرزة» وتستحق الصرف، وكما يقول المثل التجاري الشعبوي «حتى تاكل العشره بدك تدفع التسعة». 

لكن من خلال تتبع عالم «الاستثمار» السوري، منذ البداية وحتى اندلاع الأزمة، تبين أن الليبراليين قد أكلوا التسعة والعشرة معاً، ولم يكتفوا بذلك؛ بل أخذوا يقولون: هل من مزيد!؟، وحصلوا على المزيد الذي عملوا عليه، وأصبحت ثرواتهم متعددة ومتنوعة، وصاحبة قرار أيضاً!.

لقد كانت نقطة الانطلاق في جذب الاستثمارات هي: أجور الطبقة العاملة في سورية، التي هي إحدى الميزات، التي سيستند عليها رأس المال في زيادة أرباحه ومضاعفتها، باعتبار أن الأجور منخفضه جداً، قياساً بأجور مناطق أخرى يتوجه لها رأس المال. حيث ركزت الدعاية الحكومية على هذا الموضوع وميزاته بالنسبة للمستثمرين، كإحدى نقاط الجذب، باعتبار العامل السوري 

« له فم يأكل وليس له فم ليتكلم »، أي ليس هناك مشاكل قد تنشأ بين العمال وأرباب العمل، أي أن الأمور مضبوطه من جهة العمال، فلا خوف من مطالبتهم بزيادة أجورهم.

نقطة الانطلاق الأخرى هي: قوانين العمل، التي جاء قانون العمل رقم 17 لعام 2010 تتويجاً لها، حيث مكَن الحكومة وأرباب العمل من التحكم والسيطرة على العمال، وكان القانون محكماً بدرجه عاليه من أنواع الضبط القانوني، حيث يمكن تسريح العمال من جهة، كما يمكن تسويف حقوقهم، إذا ما تم رفع الدعاوى في المحاكم العمالية من قبل العمال كشكل من أشكال تحصيل الحقوق، عبر ربط انعقاد الجلسات للنظر بالدعاوى بضرورة وجود ممثلي أرباب العمل، وإلاَ تؤجل الجلسة!.

النقطة الثالثة من عوامل جذب الاستثمار هي: عدم تبني الحركة النقابية لحق الإضراب، السلمي والمشروع، الذي نصت عليه الاتفاقيات والقوانين، وكذلك الدستور السوري مؤخراً، وغيرها من الأدوات والوسائل الكفيلة بحماية حقوق العمال، هذا الموقف يسعد قوى رأس المال. وما تبقى من أمور يمكن حلها عبر الحلقات الوسيطة.

إن التجربة السابقة للأزمة مع قوى رأس المال، بمختلف تلاوينها، والسعي الحكومي الحالي باتجاه شكل جديد من التفريط بالاقتصاد الوطني، من خلال رسم الخرائط لشركات القطاع العام وبنيته التحتية، على أساس قانون التشاركية، الذي يقدم نموذجاً أكثر سوءاً بالنسبة لضمان حقوق العمال، كل ذلك يدفع باتجاه السؤال الأساسي التالي: 

كيف ستضمن الحركة النقابية حقوق الطبقة العاملة، في ظل قوانين عمل منحازة لقوى رأس المال، وما هي الأدوات المفترض إيجادها من أجل ذلك؟.