الرفيق عادل اللحام: (التشاركية) رصاصة الرحمة على القطاع العام!
ألقى الرفيق عادل اللحام كلمة أمام مؤتمر نقابة عمال البناء والأخشاب في دمشق والمنعقد بتاريخ 18/1/2016، وبصفته رئيس لجنة نقابية للقطاع الخاص، وهذا نصها:
الأخوات والأخوة العمال..
في البداية؛ نشكر مكتب النقابة على توزيعه للتقرير ضمن الوقت القانوني، وستكون المداخلة الأولى حول الأمانة التنظيمية كما هي التعليمات المقرره للمداخلات.
الشكل الجديد لعقد المؤتمرات يعطي انطباعاً أن الصراع القائم هو بين العمال ونقاباتهم، وليس بين العمال والنقابات من جهة، مع الخصوم الطبقيين المتمثلين بالحكومة وأرباب العمل من جهة أخرى.
(ميزان القوى مختل
لمصلحة خصومنا الطبقيين)!
نستطيع القول أن الحركة النقابية قد تراجعت تنظيمياً، ليس بسبب الأزمة فقط، بل لأسباب أخرى، وهذا التراجع أدى لتقديم تنازلات لها علاقة بقضايا الأجور ومستوى المعيشة، ودرجة استقلالية الحركة ومستوى الحريات النقابية، وأهم التنازلات هو ما يتعلق بواقع القطاع العام، لجهة تطبيق السياسات الليبرالية على مدار السنوات العشر الأخيرة، وهذا يعني أن ميزان القوى مختل لصالح خصومنا الطبقيين، ليس بسبب قوتهم، بل لتخلف أدواتنا القادرة على تعديل ميزان القوى، عن طريق تحقيق المصالح الأساسية للطبقة العاملة.
(السياسات الاقتصادية خطرة على الوحدة الوطنية ومعيشة الشعب)!
إن سياسة الانفتاح الاقتصادي، بما فيها فتح الأسواق، التي انتهجتها الحكومات السابقة وتابعتها الحكومة الحالية، أدت إلى كوارث حقيقية، منها زيادة نسبة الفقر والبطالة والتهميش، التي ساعدت على تجميع الحطب اللازم لإشعال الأزمة، وبالتالي فإن على القوى الوطنية كلها الوقوف في وجه هذه السياسات، لأنها تشكل خطورة على الوحدة الوطنية وعلى معيشة الشعب، ولأنها أوصلت الناس لمستوى الفقر المطلق، حسب محددات الأمم المتحدة 2$ باليوم للفرد الواحد، وبالتالي هذا الوضع زاد ويزيد من نسبة المهمشين، الذين جرى ويجري استثمارهم، اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً.
ولنتذكر بعض أرقام السنة الماضية 2015، تم فيها زيادة الأسعار بنسبة 79% عن السنة التي سبقتها 2014، وأصبحت الأسرة المكونة من خمسة أشخاص تحتاج لمبلغ 120 ألف ليرة سورية بالشهر كي تكون عند خط الفقر، والحد الأدنى للأجور حاليا هو 16175 ليرة، وبالتالي فان الحاجة لرفع الأجور تعادل تقريبا أربعة أضعاف كي يعيش المواطن وأسرته إنسانياً، ويؤمن الحاجات الستة الضرورية، وهي الغذاء والسكن والصحة والتعليم والنقل واللباس، وخطورة هذا الوضع تجعلنا نخشى من تضيق الخيارات على المتضررين من هذه السياسة، وقد حصل ذلك فعلاً، وقد يقول لي البعض «بأن هناك أزمة»، نعم هناك أزمة لكن يجب أن تكون على الجميع، أي أن يكون هناك عدالة بالمعاناة، لا أن تعاني شريحة العمال وهناك آخرون يكدسون الثروة ويراكمون رؤوس أموالهم، يجب على هؤلاء أن يحملوا حصتهم من المعاناة، ويجب أن تكون هناك إجراءات ضد بعضهم، تحديدا الذين سرقوا ملايين الدولارات ومليارات الليرات وهربوها للخارج، وبالتوازي ما يجري هو ملاحقة العامل على أجره ومستحقاته، وما زال ملتزم بدفع ضريبة تصاعدية على هذا الأجر، يعني «فوق الموت عصة قبر».
ومن هنا واجب الحركة النقابية أن تعمل على تحسين الواقع والوضع المعيشي للعامل، ومطالبة بموقف قوي وواضح في وجه السياسات الحكومية. والحركة النقابية تمتلك هذه القدرة التنظيمية، والمصلحة الطبقية من أجل هذه المواجهة، وأقلها وقف التدهور المعيشي المستمر.
(مسؤولية الدولة
أن تضخ أموال للقطاع العام)
وأما عن قانون التشاركية، الذي سمعت رداً عليه هنا، بأنه يختلف عن القانون الذي أعدته الحكومة «الدردرية»، أنصح أن تعيدوا قراءته وتقارنوا بينهما، ودققوا بالتفاصيل، فالشيطان يختبئ هناك.
هذا القانون هو رصاصة الرحمة التي ستطلق على القطاع العام، هذا القطاع الذي هو القاعدة المادية لأي نهوض اقتصادي تنموي وطني قادم للشعب.
فالقطاع الخاص لا يمكن أن يساهم مساهمة فعلية بالاقتصاد الحقيقي والمنتج، فهو يركض وراء مشاريع السياحة والخدمات والمضاربة السكنية، يعني الدورة القصيرة لرأس المال، من أجل الحصول على أسرع وأعلى ربح، ومسؤولية الدولة أن تضخ أموال للقطاع العام، وهنالك أموال بملاين الدولارات (البنوك اللبنانية الخاصة العاملة في سورية بأموال السوريين) مجمدة وغير مستثمرة، وكذلك أرباح شركات الخلوي، وأيضا تلك الأموال المهربة بشكل قانوني للخارج. كيف يحدث ذلك؟ أين هذه الأموال والإيرادات؟ فهي ملك شعبنا، ويجب ألا تخرج.
نحن بأزمة وبحرب وبالتالي شعبنا مهجر ونازح ومحروم، ونحن يجب أن ندافع عن مواردنا بكل ما أوتينا من قوة.
هذا القانون لا يمكن القبول به أبداً، والنقابات تقول أنها ضده، وهذا القول لا يكفي؛ فهو قانون خطير جداً وخاصة إذا ترافق مع صدور القانون، الذي يجري الإعداد لمناقشته كمشروع، وهو قانون المنظمات غير الحكومية، الموجود في مجلس الشعب حالياً، لأن ترابط هذين القانونين لاحقاً سيكونان كارثة وطنية بكل معنى الكلمة.
وشكراً.