معمل «معدنلي».. والانتقاص من حقوق العمال
يتعامل أرباب العمل مع العمال، في بعض معامل القطاع الخاص، كأجراء، في حين أن المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق العمال تغض النظر عن ذلك، تواطؤاً مع أرباب العمل، أو تقاعساً وتجاهلاً لوجود الآلاف من هؤلاء العمال، ليصبحوا عرضة للابتزاز بلقمة العيش، إضافة إلى استلاب الحقوق التأمينية، (إصابات العمل والتعويضات ومعاش الشيخوخة).
خارج نطاق التأمينات
عمال شركة «معدنلي» لتعبئة الحبوب، الواقعة في منطقة ضاحية قدسيا، بعيدون كل البعد عن التأمينات الاجتماعية، مؤسسة وحقوق، حيث أكد خالد أحد الموزعين في الشركة: «في المعمل حوالي 50 عاملاً، وكلهم غير مؤمَن عليهم لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وكأن المعمل غير موجود من أساسه في قيود تلك المؤسسة، وبالرغم من أني حاولت التسجيل بشكل فردي ولكني ترددت في أخر لحظة، خوفا من طردي من المعمل فلا يوجد لدي بديل، رغم معرفتي بأنه أحد حقوقي المفروضة على صاحب المعمل، فلماذا هذا التغاضي وإغماض العيون؟.
أجر لا يؤمن العيش
وفي موضوع الرواتب قال خالد: «إن راتبي كموزع هو 4000 ليرة، إضافة إلى نسبة تبلغ 2.5% من كمية المبيعات، أي إن راتبي غير ثابت ودوامي طويل كي أستطيع بيع أكبر كمية ممكنة، ومع ذلك أجري بالنهاية لا يتجاوز 35 ألف ليرة بالشهر، وهذا لا يكفيني ثمناً للطعام، رغم أن أسرتي صغيرة، فليس لدي إلا طفلة صغيرة وهي وحدها تحتاج إلى 10 آلاف ليرة (للحفاضات فقط)، عدا عن إيجار المنزل، والكثير من النفقات الأخرى».
أما أبو محمد، أحد العاملين في المعمل، فقال: «أجورنا لا تتعدى 30 ألف ليرة، بينما كانت الأجور في 2010 عشرة آلاف ليرة، أي ما يعادل 200 دولار في وقتها، بينما اليوم مع انخفاض قيمة الليرة الشرائية فإن أجري أصبح أقل من 100 دولار، علماً أني مستأجر بيت غرفتين بـ25 ألف، وبذلك يتبقى 5000 ليرة من راتبي كي أعيش وأسرتي لبقية الشهر، ولكن لا يتوفر لدي فرص أفضل، فماذا أفعل؟».
خوف بالجملة يطغي على العمال
من قلة فرص العمل وعدم توفر بدائل، وقلة في الأجور، إلى انعدام التأمين الصحي أيضاً، حيث إن إصابات العمل في المنشأة لا يوجد من يعالجها، هذا ما أكده لنا أبو محمد: «لا يوجد مستوصف أو طبيب متعاقد مع المعمل، أما الإصابات والأمراض التي قد تصيب العمال فهي تبقى على نفقتهم، «وفوق الموتة عصة قبر»، فأيام المرض تخصم على العامل فلا يوجد حق في الإجازات الصحية».
وعندما استفسرنا عن دور نقابة العمال في المعمل، تفاجأنا بأن معظم العمال غير مدركين لدور النقابة في حماية حقوقهم، فقال أبو محمد متسائلا: «لماذا توجد مثل هذه النقابة إذا كانت غير مفعلة ولا دور لها؟، فأنا أريد مؤسسة تحمي حقوقي كعامل بشكل جدي، وليس هيئات وأسماء فقط، تركونا نعيش نريد إطعام أولادنا لا تخربوا بيوتنا، نحن مظلومون ولكن لا يوجد بديل، فكيف سأطعم أولادي إذا قالوا لي الله معك وقلعوني؟».
وفي معرض حديثنا مع العمال تناولنا موضوع عقد العمل، وكان الرد صادما حين قالوا إنهم لم يوقعوا عقود عمل، فلا وجود لها أصلاً، وكأن المعمل خارج نطاق تغطية أجهزة الدولة، فمن المسؤول عن تهرب هذا المعمل من القانون والمحاسبة القانونية؟.