النقابي والمطلبي في المؤتمر العام لنقابات العمال
في إطار التحضيرات للمؤتمر العام لنقابات العمال الجارية على قدمٍ وساق، يبقى السؤال: هل ستختلف طريقة إخراج المؤتمر العام عن المؤتمرات النقابيّة والمهنيّة من حيث المضامين المفترض أن تعبر عن المصلحة الجذرية للطبقة العاملة السورية؟!.
سؤال جدير ويستحق التفكير فيه تقديراً للدور التاريخي للحركة العماليّة والنقابية السوريّة الذي لعبته من خلال كوادرها وقياداتها الأحياء منهم والأموات، فمن الناحية المنطقية الانتخابات هي شكل من أشكال الديمقراطيّة في التعبير عن الرأيّ، وانتخاب العامل والنقابيّ الذي يدافع عن حقوق العمال، لابل من أرقى أشكال الديمقراطيّة إن استخدم بالشكل المطلوب، وبالتالي يكون للانتخاب دلالة إيجابية، ودليل على أن الحركة النقابيّة بخير. لكن بالرجوع للسؤال الذي طرحناه في المقدمة، ومدى قدرة المشرفين والمنظمين للـ»الاحتفال الانتخابيّ» على تغيير نمط الإخراج السابق الذي بات صعبا الاستمرار فيه، ونقصد هنا القضايا المطلبيّة التي غابت عن مؤتمرات الاتحادات مجتمعة، فما فائدة أيّة حركة نقابيّة إن لم تكن تحمل ضمن برنامجها ومؤتمرها القضايا المطلبية التي تهم الآلاف من أعضائها النقابيين ممثلي العمال في المؤتمرات؟!!.
إن الكوادر النقابيّة تعيّ تماماّ أن عدم طرح القضايا والمطالب في المؤتمرات ليس دليل عافيّة، ويؤدي إلى تراكم القضايا المطلبية للعمال، وعدم إيجاد حلول لها يؤدي في النهايّة إلى التراكم الذي قد تكون نتائجه السلبيّة أكثر إيلاماً، لا أحد ينكر التأثيرات السلبيّة للأزمة على مناحي الحياة كافّة، لكن في الوقت ذاته ليس من المنطقيّ تأجيل كل القضايا إلى ما بعد الانتهاء من الأزمة، وكأننا نحضّر مسبقاً لأزمات أخرى قد تكون أكثر إيلاماً من سابقاتها.
على القيادة النقابيّة الجديدة أن تكون أكثر جرأةً في تبنيّ القضايا المطلبية والدفاع عنها، والمعبرة عن حقوق العامل وكرامته، فالقضية لم تعد مرتبطة بالمؤتمرات بحد ذاتها وإنما بمدى القدرة على تحقيقها أصلاً، ففي داخل كل عامل وطن كبير وغاليّ أسمه سوريّة، لذلك أخطأت القيادة حين منعت المداخلات الفرديّة من المؤتمرات التمهيديّة مكتفية بكلمات رؤساء المكاتب والضيوف حتى ولو كان مؤتمرا انتخابيّا، فالعامل الذي لم تمنعه كل الظروف من الحضور، ليأتيّ من مختلف المحافظات ويحضر فعاليات المؤتمر من المؤكد كان يحمل معه بعضاً من مطالب رفاقه في الهم، لكن التعليمات منعته!!.
أخيراً إن تطور وعي الطبقة العاملة في الدفاع عن مصالحها ودفعها للتعبير عنها سيغير من مسار المواجهة بين قوة العمل ورأس المال باتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية التي جزء منها توزيع الثروة لمصلحة قوة العمل، لابل يجب أن نتعلّم من دروس الأزمة أن الإضراب السلميّ والاحتجاج حالة صحيّة في الحركات العماليّة، وعندما يحتج شخص ما، فإنه يعبر عن أزمة قد تكون أزمة عامل أو عمال مجتمعين، لذلك هو التعبير الصح عن الوضع الحرج وغير المريح الذي يتطلب تغييره من خلال وضع مصلحة الطبقة العاملة والوطن فوق أيّ اعتبار، فهل نشهد إخراجاً مختلفاً عن كل ما تم لنخرج بمؤتمر ناجح بكل المقاييس!!.