تعثّر غير مبرر في مقلع (البدروسية) في اللاذقية
يعتبر الرخام «البدروسي» من أكثر أنواع الرخام المطلوبة في السوق السوريّة، وذلك بسبب جودته وصلاحيته للاستعمالات الداخليّة والخارجيّة والأرضيّات والمجاليّ والديكور وأعمال الزينة.. ومن المعروف أن المقالع عموماً تضرّرت كثيراً من جرّاء الأحداث المؤلمة التي تمرّ بها البلاد.
ولكن وبغضّ النظر عن هذه الأحداث، فإن هذه المقالع وخاصةً في «البدروسية» تعاني مجموعة من المشاكل منذ وقتٍ طويل، أهمها عدم منحها تراخيص من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعيّ للتوسّع، بحجة الحفاظ على الغطاء النباتيّ والثروة الحراجية. بينما تقوم وزارة الزراعة بمنح هذه التراخيص للقطاع الخاص بذريعة استصلاح الأراضي. إن هذا الحرمان أدّى إلى حصر العمل في المقالع ضمن مساحات ضيقة جداً، لا يكفي إنتاجها حاجة معمل رخام اللاذقية في منطقة«الزوبار» العائد للقطاع العام. ناهيك عن عجزها تأمين حاجة معامل رخام القطاع الخاص من هذه المادة.
يوجد لدى تجمّع مقلع البدروسية خمس جبهات عمل. الجبهتان (1و2) انتهى مخزونهما من الأحجار الرخامية الصالحة للاستثمار. والجبهة (3) تم دمجها مع الجبهة (5). أما بخصوص الجبهة رقم (4) فالعمل فيها متوقف منذ سنوات لعدة أسباب أهمها عدم منح التراخيص بالتوسّع، إضافةً إلى قيام الإدارة الأسبق بتركيب رافعة برجية لتسهيل العمل كما قيل، رُكِّبَت في أهم نقطة استثمارية في الموقع، الأمر الذي جعلنا نطرح ألف إشارة استفهام عن جوهر هذا الفعل التخريبيّ المتعمّد، الذي أدّى إلى شلّ المقلع بشكل كامل. ومما يزيد في شكوكنا أن هذه الرافعة كلّف تركيبها مليون ليرة سورية تقريباً ولم تعمل أكثر من ساعة واحدة! وما تزال رابضة حتى الآن تتحدّى العمال وتعيق العمل. فلماذا لا تقوم الإدارة إذا كانت بريئة، بفكّ هذه الرافعة ونقلها إلى مكان آخر وفتح جبهات عمل جديدة؟!.
أما الجبهة رقم (5) في مقلع البدروسية وهي الجبهة الوحيدة المستثمرة حالياً، فهي محكومة بضيق المساحة التي لا تتعدّى (300) م2 ولم تعد ذات جدوى اقتصادية. ومن الضروريّ البحث عن مواقع بديلة، وليس من داعٍ لإضاعة الوقت والجهد في هذه الجبهة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن عدم وجود مكبّ لردميّات المقلع التي تُرمى على أطرافه، تساهم في ضيق المساحة المستثمرة وتؤدي إلى تضرّر المقلع وتضعف الإنتاج. كما أن الوضع الفني للآليات القديمة التي مضى على استثمارها سنوات طويلة وأصبحت مهترئة. وتلكّؤ الإدارة في عمليات الصيانة والإصلاح وتوفير قطع التبديل اللازمة. إضافة إلى طريقة منح الاستثمارات والتراخيص للقطاع الخاص.. كل ذلك يلعب دوراً سلبياً في العملية الإنتاجية وينعكس على تسويق المادة في مقالع المؤسسة العامة للجيولوجيا من حيث التسعيرة والتصنيف.
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه: لماذا لا تقوم الإدارة بتركيب عفّاس أو كسّارة في بعض المقالع من أجل الاستفادة من الردميات وتحويلها إلى مواد ثانوية صالحة لرصف الطرقات، بالإضافة إلى تأمين مادّتيّ البحص والرمل العدسيّ اللازمتين في أعمال البناء، والتي يمكننا من خلالهما أن نحقق دخلاً مالياً ممتازاً؟!.