تثبيت العمال المؤقتين لكل زمان ومكان
على الرغم من الأوضاع المعيشيّة الصعبة، والأحداث المأسويّة التي تمر بها سورية، ما زال مصير الآلاف من العمال المؤقتين مجهولاً لم يتم تجديد عقودهم، في الوقت الذي يهدد فيه شبح البطالة آلافاً آخرين ممن شملتهم القرارات والقوانين الأخيرة المتعلقة بعدم تجديد عقود عملهم تحت مسميّات عدّة.
يجريّ هذا بحقهم رغم وضوح المرسوم الذي أصدره الرئيس عام 2011، والذي كان يقضيّ بتثبيت العمال المؤقتين في الدولة خلال مهلة لا تتجاوز السنة من تاريخ الصدور، وفق شروط معينة قبل بها الجميع، لكن تسريبات نقابيّة وعماليّة أكدت أن المرسوم لم يشمل سوى 174 ألف عامل مؤقت، فيما بقيَّ أكثر من 200 ألف مؤقت يعاملون بالصفة بنفسها لمواجهة مصيرهم المجهول.
باب للتلاعب
مشكلة «الخيار والفقوس» بتنفيذ مواد المرسوم لمصلحة العمال المؤقتين بدا واضحاً من خلال التعليمات التنفيذية الخاصة فيه، والتي تضمنت العديد من التفاصيل المعقدة وغير المنطقية التي مهمتها «وضع العصيّ بالعجلات» وذلك لفتح باب وهامش واسع للمحسوبية والفساد الإداريّ في التحكم بمصير هؤلاء العمال، حتى بات من غير المفهوم الغموض والتفسيرات المختلفة في بعض القوانين أحياناً، والتي تكون مقصودة فعلاً بغية تمرير ما يخدم مصالحهم على حساب هذه الفئة المعدومة أصلاً.
منذ أن بدأت الأزمة في 2011 والمئات من الشكاوى رفعت سواءً للوسائل الإعلاميّة المختلفة، أو لمجلس الشعب ورئاسة الوزراء لإيجاد حلٍ ينصف هؤلاء العمال بعد أن نالوا الخبرة والتجربة الكافيّة في قطاعاتهم. آخر التوسلات في هذا الصدد كانت من المهندسين الزراعيين الذين كانوا يعملون في الهيئة العامة لحماية وتطوير البادية بالرقة، ومن ثم تم «ندبهم» إلى محافظة حمص بعد سيطرة الجماعات الإرهابيّة المسلحة على معظم الدوائر في محافظة الرقة وخاصة تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام «داعش»، وذلك بسبب قرار الحكومة بعدم تجديد عقودهم، بينما كانوا في انتظار تثبيتهم الأمر الذي شكل لهم صدمة كبيرة وهم الذين قرروا العمل تحت رعايّة الحكومة مهما كانت التحديّات بعد أن قامت الحكومة بالتوقف عن تجديد عقود بعض العمال المؤقتين حسب وضع كلٍ منهم.
أزمة البطالة
قرار عدم التجديد وإعادة النظر بوضع العمال المؤقتين أضاف جيشاً آخر لجيش العاطلين عن العمل كجزء من أزمة البطالة التي تتفاقم بالمجتمع السوريّ مع طول استمرار الأزمة، في وقت خرجت فيه الآلاف من المشاغل والمصانع الخاصة عن الإنتاج والعمل وسرق نصفها، لكن ما ذنب هؤلاء وهم الذين اختاروا العمل في الوطن، ولا يلقون لقمة عيشهم في ظل الارتفاع الجنونيّ للأسعار، وصعوبة الحصول على حاجات الحياة الأساسيّة لأكثر من خمسة أضعاف قبل الأحداث التي تشهدها البلاد لكل مادة استهلاكيّة.
يشار أن تقريراً أمميّاً، صدر مؤخرا، أكد أن 78% من السوريين باتوا تحت خط الفقر، وأن نسبة البطالة قاربت 50% من اليد العاملة، في ظل الأحداث التي تعيشها البلاد منذ أربع سنوات.