رأي في بيان الاتحاد العام لنقابات العمال
أصدر الاتحاد العام لنقابات العمال بياناً بمناسبة بدء الانتخابات النقابية في سورية أكد فيه على مجموعة من القضايا العامة منها الأسس التي ستسير وفقها العملية الانتخابية بالإضافة لمهام الحركة النقابية في مرحلة ما بعد انتهاء الانتخابات.
لقد فعل الاتحاد حسناً أن أصدر بياناً انتخابياً يوضح فيه توجهاته العامة والتي نتفق مع بعضها خاصةً مع ما جاء في المقدمة التي تؤكد على قواعد العمل الديمقراطي في الانتخابات النقابية ولكن البيان لم يقل لنا موقفه الواضح والصريح من القائمة المغلقة التي تتناقض مع الأسس الديمقراطية التي يدعو البيان لاتباعها كون القائمة المغلقة ستقيد خيارات العمال في الانتخاب وتجعلها باتجاه واحد وهي القائمة المغلقة التي سيكون الانتخاب على أساسها فقط على الهامش المتروك للمستقلين، أما بقية المرشحين في القائمة لديهم تزكية من جهات عدة قد تمنع العمال من رفض أحد منهم في حال عدم القناعة بإمكاناته في الدفاع عن حقوقهم كما تبين تجربة العمال في العديد من المحطات الانتخابية التي جرت في السابق وأثبتت عدم أهلية الكثير من النقابيين في الدفاع عن حقوق العمال ومكاسبهم التي عملت الإدارات على حرمان العمال منها والقائمة المغلقة التي سيجري على أساسها الانتخاب بالنسبة لعمال القطاع العام لها ما يشبهها في القطاع الخاص حيث يجري التوافق على اللجان النقابية في معامل القطاع الخاص ومنشآته بين النقابات وأرباب العمل ويكون الرأي الغالب في فرض تلك اللجان على العمال لأرباب العمل الذين يختارون لهذه اللجان المقربين منهم والقادرين على ضبط العمال ومنعهم من التحرك للمطالبة بحقوقهم وهناك العديد من التجارب التي مرَ بها عمال القطاع الخاص تواطأت فيها اللجنة النقابية مع رب العمل ضد مصلحة العمال وجرى فيها تسريح للعمال «المشاغبين» كما يصفهم أرباب العمل. إذاً التجربة الطويلة مع القائمة المغلقة تفيد بأن عملية التغيير التي تنشدها النقابات كما جاء في البيان لن تكون كذلك بل ستكرس غربة الطبقة العاملة السورية عن تنظيمها النقابي خاصة وأن النقابات خلال الفترة السابقة للانتخابات لم تقم بمراجعة حقيقية تقدم من خلالها كشف حساب للعمال عن النجاحات والإخفاقات التي مرت بها الحركة النقابية وبالتالي تؤخذ التجربة المتراكمة بما لها وما عليها من أجل صياغة برنامج المرحلة القادمة، وهذا ما أشار له البيان حيث قال «إنها مناسبة لمراجعة موضوعية لما تم إنجازه والتأسيس عليه لمرحلة نوعية مقبلة تستجيب لمتطلبات الواقع وتحديات الظروف الراهنة ولتعزيز وحدتنا النقابية الركيزة الصلبة للوحدة الوطنية».
تلازم المهمات أمام النقابات
إن المراجعة الموضوعية التي يطرح البيان النقابي القيام بها هي خطوة ضرورية وهامة وسيبنى عليها من أجل صياغة برنامج للحركة النقابية للمرحلة القادمة، والتي من المفترض أن تشمل بخطوطها العريضة قضايا ذات صلة بعضها ببعض ولا يمكن فصل الواحدة عن الأخرى في الممارسة العملية وأهمها:
1- موقف الحركة النقابية من النهج الاقتصادي الذي أتبع بتبني اقتصاد السوق الاجتماعي وما رافقه من تبني لسياسات اقتصادية راعت تعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين ولعبت هذه السياسات دوراً كبيراً في تخريب الاقتصاد الوطني الحقيقي «الصناعي- الزراعي» لمصلحة الاقتصاد الريعي الذي اعتبره الفريق الاقتصادي السابق قاطرة النمو للاقتصاد الوطني، وما تزال تعمل الحكومة الحالية عليه وتوسعه باتجاهات متعددة، فكانت النتيجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والنهب والفساد والتهرب الضريبي اللذين أفقدا الدولة الموارد الحقيقية المطلوبة في البناء الاقتصادي التي أشار إليها الدستور السوري في مادته الثالثة عشرة الفقرة الثانية.
إن تبني نموذج اقتصادي بديل يقطع نهائياً مع الليبرالية الاقتصادية هو ما سيحقق أعمق عدالة اجتماعية وأعلى نمو اقتصادي وهو من سيضع الأساس لبناء اقتصاد وطني مقاوم ليتحدى الظروف الراهنة كما قال بيان النقابات وضمناً يعبر عن المصلحة الحقيقية للطبقة العاملة السورية.
2- استقلالية الحركة النقابية و رفض كل أشكال الهيمنة والوصاية عليها، هي قاعدة الانطلاق للحركة النقابية كيما تقوم بدورها النضالي في تعزيز الوحدة الوطنية وتصليبها في مواجهة القوى الداخلية والخارجية الساعية لضربها، ومن أجل تجديد أدواتها وخطابها النقابي الذي سيعكس برنامجها المفترض على ضوء ما استخلصته من تجربتها.
3- إعادة النظر بقانون التنظيم النقابي ليتوافق مع ما جاء في الدستور السوري الجديد خاصةً مادته الثامنة.
4- مراجعة موقف الحركة النقابية من حق الإضراب السلمي للطبقة العاملة كونه السلاح الشرعي الوحيد الذي يمكن الحركة النقابية والحركة العمالية من الدفاع عن حقوقها الشرعية والدستورية وأهمها النضال من أجل إعادة توزيع الثروة المنهوبة لمصلحة قوى رأس المال وفي هذا السياق يجري النضال من أجل ربط الأجور بالأسعار، حيث يبدأ سلم الأجور عند الحد الأدنى لمستوى المعيشة الذي يحدده سعر سلة الاستهلاك في السوق.
أخيراً نقول كما جاء في برنامج حزبنا الانتخابي، حزب الإرادة الشعبية:
إن الطبقة العاملة السورية وقيادتها النقابية مدعوان اليوم إلى الإسهام الفعال في الدفاع عن وحدة البلاد في مواجهة أعداء الداخل والخارج عبر الدفع باتجاه الحل السياسي الشامل والناجز الحقيقي للأزمة الذي يشكل في الوقت ذاته أحد أهم أدوات مواجهة القوى الإرهابية والتكفيرية الوافدة على سورية ونسيجها الوطني، وأحد أهم أدوات الدفاع عن مصالح السوريين وفئاتهم الكادحة وفي مقدمتها العمال.