من الأرشيف العمالي
منذ عدة سنوات تدور نقاشات واسعة وتتالى تصريحات مختلفة عن تكاليف دعم الأسعار والخدمات التي تقدمها الحكومة والعبء الكبير الذي يقع على كاهل الخزينة نتيجة هذا الدعم، ولاسيما على بعض المواد الهامة كالمازوت والسكر والرز والخبز وغيرها من المواد الأساسية.
وهناك آراء متعددة حول هذا الموضوع تتراوح بين مؤيد ومعارض، والإشكالية أن الحكومة لا تنظر إلا بمنظار ما «تقدمه» للشعب ولا تنظر بمنظار ما تأخذه من الشعب، وهي تتبع أسهل الطرق وأقصرها لحل مشكلاتها في تأمين الموارد للخزينة العامة، فبدلاً من مواجهة قوى النهب الكبرى التي تنهب موارد الدولة، تتوجه إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية المذكورة أعلاه، لأن هذا الدعم يمس بشكل مباشر ذوي الدخل المحدود الذي تستطيع الحكومة أن تقوى عليهم. فإذا كان وسطي الأجر في البلاد لا يتجاوز ستة آلاف ليرة فهل يكفي هذا الأجر لدفع فواتير الدولة المستحقة (ماء، كهرباء، هاتف، وغيرها..) من الضرائب المختلفة؟ وهل الدولة نفسها بإحصاء ما تأخذه من المواطن من الضرائب مباشرة أو غير مباشرة بدأ من ضريبة الإنفاق الاستهلاكي وضريبة الدخل إلى رسم صيانة عداد الكهرباء والماء مروراً بضرائب النظافة والحراسة والحريق وغيرها من الضرائب التي أرهقت كاهل أصحاب الدخل المحدود.
إن المتتبع للشأن الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، يدرك بوضوح هذه المشكلة وهي نتيجة غياب الاستراتيجية الوطنية للإصلاح الاقتصادي، فالحكومة مازالت تنطلق ببرامجها من خلال نصائح ووصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين مازالا يلعبان الدور الأساسي في إعادة هيكلية اقتصادنا الوطني وبأشكال مختلفة وعبر بوابات متعددة، بما يتلاءم مع ضرورات الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق أي من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وهذا الانتقال يجب أن يمر بمراحل متعددة لتحقيق الآثار الاجتماعية المدمرة الناجمة عنه..
فعلينا جميعاً أحزاباً ونقابات وشخصيات وطنية وقف هذا التوجه وليس نقاشه، مستخدمين كافة الأساليب العملية لمنع تمرير هذا التوجه الاقتصادي الذي يمس كرامة المواطن، ويمس كذلك السيادة الوطنية بكل أشكالها.
من مداخلة الرفيق النقابي سهيل قوطرش.
قاسيون العدد 261 كانون الأول 2005