الحركة النقابية للمعلمين ودور الشيوعيين فيها.. 1935 - 1974
اندفع المعلمون في سورية إلى تنظيم أنفسهم ردًا على الواقع الاجتماعي و السياسي و مساهمة منهم في حركة التحرر الوطني و النضال ضد الاستعمار والاضطهاد الطبقي ولكن اندفاعهم هذا ظل مبعثراً فترة طويلة حتى عام 1935 إذ اجتمع معلمون في مدينة دمشق وألفوا هيئة تدير شؤونهم ,وتدافع عنهم و تظهر للرأي العام و للحكومة قيمة المعلم ودوره في المجتمع وتبعت هذه الخطوة خطوات متشابهة في حمص و حماة و حلب و السويداء ودير الزور.
شهدت سنة 1935 ظهور الإرهاصات الأولى لتنظيم نقابي يجمع المعلمين حيث تنادى عدد من معلمي المرحلة الابتدائية في دمشق إلى عقد اجتماع تمخض عن تأليف هيئة تدير شؤونهم وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم وأخيراً اجتمعت هذه الهيئات عندما عقدت أول مؤتمر عام للمعلمين السوريين في مدينة حلب عام 1937 في عهد الاحتلال الفرنسي وقد دعا هذا المؤتمر إلى إقرار توصيات عديدة ظاهرها مطلبي مهني وجوهرها وطني لمقاومة الاستعمار الفرنسي مما جعل هذا التنظيم الوليد يتعرض لضغوط شديدة من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي، بالتالي تجميد نشاطاته ولم يتسن عقد مؤتمر جديد لهذه الهيئات النقابية الجنينية حتى آذار 1944 حيث التأم المؤتمر في مدينة حلب وطرحت فيه موضوعات هامة من أبرزها تطوير العملية التربوية وتعديل المناهج وإصلاح أحوال المعلمين.
عقدت التنظيمات النقابية للمعلمين عدداً من المؤتمرات توصلت فيها إلى توحيد منظمات المعلمين والمدرسين ومعلمي الثانوية في تنظيم نقابي واحد عام 1948.
أيد الحزب الشيوعي السوري المطالب العادلة لجماهير المعلمين في سورية في نضالهم من أجل حقهم في التنظيم النقابي للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم ومن أجل تحسين المناهج الدراسية وزيادة أجور المعلمين وتحسين ظروف مهنة التعليم منذ مراحل مبكرة لظهور الحراك النقابي في أوساط المعلمين السوريين منذ الأربعينيات ودعم إضرابات المعلمين وحركاتهم المطلبية فكانت الإضرابات التي قادها المعلمون الشيوعيون أعوام 1948 – 1950 – 1951 – 1953 – 1955 – 1956 قد رسخت العمل النقابي الكفاحي وحققت الكثير من المكتسبات الاجتماعية للمعلمين.
ففي العام 1955 خاضت جماهير المعلمين إضرابات عديدة دعمها وساندها الحزب الشيوعي وطالب بزيادة معاشاتهم وتحسين وضعهم الاقتصادي، كما طالب أيضاً بتخفيض أسعار الكتب المدرسية وزيادة مخصصات التربية والتعليم بشكل عام ونشرت صحيفة الأخبار عن حركات وإضرابات المعلمين في أعدادها التي صدرت بتاريخ : 9/1/1955 و23/1/1955 و30/1/1955.
هذه النضالات التي قادها ودعمها الحزب الشيوعي في صفوف جماهير المعلمين قد زادت من الوزن الجماهيري للحزب في أوساط المعلمين، فكان أن انتخب العديد من المعلمين الشيوعيين في قيادة نقابة المعلمين في العديد من المحافظات مثل الرفيق الشهيد سعيد دروبي الذي ترأس نقابة المعلمين في محافظة حمص لدورتين عام 1954 وعام 1958 وقاد النضال النقابي المطلبي والسياسي لجماهير المعلمين في محافظة حمص طوال فترة الخمسينيات وانتخب في هيئة إدارة نادي المعلمين وعلى سبيل المثال فقد قاد الرفيق سعيد حملة التوقيع على عريضة لمطالب شعبية عام 1954 حملت ألوف التواقيع وعريضة تتعلق بمطالب المعلمين عام 1958 وهذا ما جعل جهاز المباحث الإرهابي يصب حقده عليه ويستشهد الرفيق المعلم سعيد دروبي تحت التعذيب عام 1959 فكان بذلك فاتحة شهداء المباحث الإرهابية في عهد الوحدة.
طوال فترة الخمسينيات بدأ الحزب الشيوعي بتكوين وتشكيل منظمات حزبية فرعية للمعلمين في المحافظات: «اللجنة الفرعية للمعلمين في دمشق– اللجنة الفرعية للمعلمين في حمص– اللجنة الفرعية للمعلمين في حلب– اللجنة الفرعية للمعلمين في القامشلي.
وكان نشاط الشيوعيين يتوسع في صفوف المعلمين حتى منتصف السبعينيات وعندما انعقد المؤتمر العام للمعلمين عام 1974 كان الحزب ممثلاً في نقابة المعلمين في ثماني وثلاثين شعبة نقابية وسبعة فروع في المحافظات بالإضافة إلى سبعة من مندوبي المؤتمر العام بالإضافة إلى عضو المكتب التنفيذي للنقابة الرفيق عصام عبد الرحمن واستطاعوا تحقيق مكاسب مهمة.