من الأرشيف العمالي : ربط الاقتصادي بالسياسي

من الأرشيف العمالي : ربط الاقتصادي بالسياسي

سبقت ارتفاعات أسعار المواد الضرورية للاستهلاك الشعبي والتي تراوحت بين 10و30 % خلال الأسبوعين الأخيرين، حجم الانخفاض الذي حدث في الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية التي تخلت بدورها عن حوالي 10% من قيمتها الأولية قبل بدء الهجوم عليها

ونقول الهجوم لأننا سبق وأكدنا أن استهداف الليرة التي هي أحد الأعصاب الأساسية للاقتصاد لإخضاعها استكمالاً لمخطط الشرق الأوسط الكبير. وإن استهداف الليرة يعني استهداف الوضع المعاشي للجماهير الشعبية الذي هو أصلاً دون المستوى المطلوب من أجل خلق وتقوية ذلك المزاج الذي ستستند إليه قوى المشروع الأمريكي الصهيوني لتنفيذ أهدافها بعيدة المدى. وإذا كان العدو يستهدف الليرة السورية فإنه يعتمد في هجومه على سوء تصرف الحكومة وعدم قدرتها على ربط الاقتصادي بالسياسي مما جعلنا نقول سابقاً: إن القضية الاقتصادية هي قضية جدية كثيراً لدرجة أنه لا يجوز تسليمها للاقتصاديين فقط، فكيف تصرف الطاقم الاقتصادي؟ وما هي «الأخطاء» التي ارتكبها فاسحاً المجال لتطوير الهجوم على الليرة السورية، أي على لقمة الشعب؟:
1- لم يع من اللحظة الأولى أن خط الدفاع الأساسي عن الليرة السورية هو الاقتصاد نفسه، وليس احتياطات الليرة فلجأ إلى إجراءات مالية نقدية دون أية «حلحلة» للقضية الاقتصادية الأساسية، ألا وهي: حجم الفساد والنهب فكشف ظهر الليرة فوقعت تحت تقاطع النيران «النهب في الاقتصاد والمضاربة بالليرة في السوق».
2- لذلك لم ترتق الإجراءات المالية النقدية إلى مستوى الأزمة، بل يمكن القول إنها عمقتها، لأنها لم تنطلق من منظور بناء اقتصاد مواجهة ضمن الظروف الملموسة، بل استمرت الإجراءات بقوة العطالة تسير باتجاه الليبرالية المخففة التي ما فعلت شيئاً إلا زيادة الضغط على الليرة وعلى الوضع الاقتصادي والمعاشي بشكل عام.
3- والسؤال الأهم: من الذي يضغط على الليرة السورية في السوق؟ ومن الذي يدفع الثمن؟.
إن الذي يضغط على الليرة السورية بالدرجة الأولى هم الحيتان الكبار الذين يتخلصون من النقد السوري والذي يجنونه يومياً من ظهر الشعب، ليحولوه إلى عملة صعبة والله يعلم أين تخزن؟ ولكن الأكيد ليس في المصارف العامة في الداخل. ويدفع ثمن هذه العملية مرة ثانية الشعب، أي أصحاب الدخل المحدود عبر ارتفاعات الأسعار، والخلاصة ليس المواطن هو من خفض قيمة الليرة كما يدعي جهابذة الاقتصاد بل الناهبون الكبار الذين لا يهمهم مصير الوطن ولا مصير الشعب، بل يهمهم الحفاظ على أرباحهم الفاحشة ومضاعفتها وهم بذلك يرتكبون خيانة وطنية عظمى.

قاسيون العدد 261 كانون الأول 2005