من نضالات الشيوعيين.. النضال من أجل الخبز
أثناء الحرب العالمية الثانية « 1939- 1945 » استشرى البؤس الاقتصادي الذي عانى منه الفقراء بحكم الأسعار المرتفعة، والنقص في السلع الأساسية خاصة الخبز والسكر والكاز نتيجة لاحتكار الشركات الإنكليزية تصدير القمح والرز والسكر وغيرها من المواد الغذائية، مستهدفة الحصول على أرباح كبيرة إضافة إلى ازدياد عدد العاطلين عن العمل، والتي تجلَّت بشكل فاحش عام 1941
حيث بدأت أول مظاهرات الجياع التي قامت في دمشق وحلب، وقد سارت الجماهير المحتجة رافعة الرايات، ووقعت مواجهات مع قوات الاحتلال الفرنسي، وجاء رد المحتل بعمليات ترويع واعتقال لبعض قادة هذه المظاهرات، وفيما بعد تبعتها مظاهرات أخرى في شهر شباط من العام نفسه، حيث هاجم المتظاهرون الجياع المقرات التابعة للانتداب والأفران، وقامت الشرِطة بسحق هذه المظاهرات مما أدى إلى إعلان الإضراب العام الذي أتسع شيئاً فشيئاً إلى أن شمل معظم المدن السورية، وفي شباط من العام 1943 حدث إضراب كبير رداً على ارتفاع أسعار خبز الطبقة العاملة من 8 قروش إلى 8 قروش ونصف للكيلو غرام الواحد.
وفي 20 آذار 1943 نفذ العمال إضراباً واسعاً دام تسعة أيام، ومرة أخرى كان الخبز هو السبب الرئيسي للقيام بهذا الإضراب نتيجة تقلص الكمية وسوء النوعية وتردي عمل الخبازين، وعدم كفاية المراقبة من الحكومة، والغبن الذي لحق في شريحة الفقراء، والاستياء من نقص كميات الطحين السوري، وقد استشهد سبعة عمال من المضربين والمتظاهرين، وسقط عشرات الجرحى فضلاً عن الأضرار الفادحة التي لحقت بالحافلات الكهربائية والمباني الحكومية والمحال التجارية!!.
لذلك صدر عام 1943 مرسومان ينص أحدهما على إعطاء العمال راتب شهر عن كل سنة من سنوات فترة الخدمة التي قضوها في العمل، وذلك عند تسريحهم والآخر ينص على إعطاء العمال الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً 75 ليرة سورية شهرياً كحد أدنى للأجر مقابل تسع ساعات عمل في اليوم، ولكن الغلاء الفاحش قد رفع أسعار المواد الغذائية الضرورية في ذاك الحين، وبقي هناك عمال مازالوا يتقاضون أجراً ما بين 50 و 60 ل.س شهرياً.
وهكذا تكون السلطة آنذاك برفعها للأجور قد التفت على مطالب الفقراء وألهتهم بزيادتها عن المطالبة بتثبيت سعر الخبز لقمة الشعب وتحسين جودته.
لكن مظاهرات الخبز لم تتوقف حتى ما بعد الجلاء، وخروج الاحتلال الفرنسيّ؛ وأشهرها مظاهرات نساء حمص عام 1948، حيث وقفت الرفيقة "سلمى البني" تخطب في المتظاهرين أمام قصر المحافظ، بالإضافة لمظاهرات الخبز والجوع في حلب وعين العرب التي قادها الشيوعيون عاميّ 1947 - 1948 والمظاهرة الكبيرة في حي باب سريجة بدمشق منتصف الأربعينيات، هذه النضالات التي عرف خلالها الحزب الشيوعي السوري بحزب الخبز.
لقد ناضل الشعب السوري وطبقته العاملة عقوداً طويلة من أجل الخبز لقمة الشعب؛ واستطاعوا تحقيق مكاسب مهمة بمساعدة القوى الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي عبر المظاهرات والاعتصامات، وعرائض الخبز في المحافظات، وفي مداخلات النواب الشيوعيين في مجلس الشعب ومجالس المحافظات والمؤتمرات العمالية وغيرها.