من الأرشيف العمالي : ضرورة تطوير أشكال النضال
تواجه الطبقة العاملة اليوم هجوماً واسعاً من قوى السوق داخل الدولة وخارجها من خلال القوانين والتشريعات التي تصدر، والتي تقلص ما كان يحصل عليه العمال من حقوق مكتسبة رغم الادعاءات الكثيرة التي تقول بالمحافظة على حقوق العمال ومكتسباتهم التي يجري التراجع عنها تحت عين وبصر الحكومة
ليس هذا فقط، بل تساهم الحكومة عبر وزارة العمل بتعديل قانون العمل بما يلبي مصالح أرباب العمل من حيث صياغة العقود وتحديد الحد الأدنى للأجور، والتعويضات المختلفة التي يحق للعمال الحصول عليها، وحقوقهم الديمقراطية بانتخاب ممثليهم الحقيقيين إلى المواقع النقابية المختلفة.
أما جيش العاطلين عن العمل، والذي تشير الإحصاءات أن نسبته عالية، فهي تعبر عن أزمة حقيقية تحمل مخاطر اجتماعية وسياسية كبيرة خاصة مع تخلي الدولة عن دورها في التوسع الاستثماري لقطاع الدولة، وتركها الأمور للقطاع الخاص وللاستثمار الأجنبي للقيام بهذه المهمة، والتي لن يقوم بها إلا وفق شروطه ومصالحه الخاصة.
إذا من خلال ما ذكرنا نرى أن موقف الحكومة ليس حيادياً، بل منحازاً بكل المعايير تجاه حرية الرساميل وحرية تنقل السلع وهذا ليس بالجديد، بل إن آليات السوق وقوانينه وموازين القوى الطبقية والسياسية هي التي تحدد هذا التوجه للحكومة ومن هنا فإن الحركة النقابية والقوى الوطنية لابد لها من المساهمة في تعديل تلك الموازين الضرورية التي تمكن الطبقة العاملة من أن تحصل على المساحة نفسها من الحرية في التعبير عن مصالحها والدفاع عنها، التي تحصل عليها مكونات السوق الأخرى (حرية الرأسمال، حرية السلع) وذلك من خلال تطوير أشكال النضال المختلفة والضرورية بما فيها حق الإضراب وحق التظاهر وحق تشكيل صناديق إعانة مختلفة، فهل يعقل أن يطالب أرباب العمل بحق الإضراب للعمال للدفاع عن مصالحهم؟ كما عبر عن ذلك الصناعي محمد عنزوتي للاقتصادية بعددها رقم 195. السؤال الموجه له هو: «لكن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، يعني أيضاً حق الإضراب وحقوق العمال وتعديلاً لقانون النقابة، فهل أنتم على استعداد لمنح العامل السوري حق الإضراب؟». وكانت إجابته: (طبعاً وهذا أمر، كل صناعي مستعد له، فللعمال حقوق وواجبات، وكذلك لرب العمل حقوق وواجبات، والعقد هو الذي ينظم العلاقة بين الطرفين، وفي حال قصر أي منهم في شروط العقد فللطرف المتضرر الحق في الاعتراض بالشكل الذي يراه مناسباً).
فهل يعقل ذلك والنقابات مازالت مترددة في تبني هذا المطلب الضروري الذي سيكون أحد الأسلحة الضرورية في عمل النقابات اليوم.
إن الإقلاع عن وجهات النظر القديمة مسألة حاسمة وضرورية، والتي تحكمها ظروف سياسية واقتصادية، منعت بل أضعفت دور الحركة النقابية والطبقية العاملة في التصدي الآن للهجوم الذي تتعرض له الطبقة العاملة على حقوقها ومكتسباتها، فلابد للطبقة العاملة وتنظيمها النقابي أن يقول كلمته في إطار ما يجري من ترتيبات واصطفافات.
من مداخلة الرفيق النقابي عادل ياسين
قاسيون العدد 252 تموز 2005