نضال الحركة النقابية في سورية 1963-1968

نضال الحركة النقابية في سورية 1963-1968

نتيجة بناء المشاريع الصناعية والإنمائية المختلفة في البلاد نمت الطبقة العاملة السورية عددياً بشكل ملحوظ كما أن الحركة النقابية قد سجلت بعض الخطوات الإيجابية ، حيث أزداد عدد المنتسبين إلى النقابات وتشكلت نقابات جديدة. 

لقد انفتحت الحركة النقابية السورية على الحركة العمالية العالمية، وأصبح الاتحاد العام للنقابات في سورية عضواً في الاتحاد العالمي للنقابات، وكذلك جرى تبادل الوفود مع المنظمات النقابية في البلدان الاشتراكية، وشارك الاتحاد العام لنقابات العمال بنشاط الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، وقامت علاقات بين الكثير من الاتحادات المهنية السورية ومثيلاتها في البلدان الاشتراكية، وعدد من البلدان الأخرى الصديقة والحليفة لقضايانا؛ ولكن رغم جميع هذه النجاحات، والتي رافقتها تمكن الطبقة العاملة من تحقيق بعض المطالب المادية الخاصة بها، فإن شروط معيشة وعمل العمال كانت صعبة جداً.

كما أن الحركة النقابية أيضاً كانت تعاني ركوداً خطيراً، خلق هوة كبيرة بين العديد من مكاتب النقابات والقواعد العمالية في المعامل والمؤسسات والمهن، حيث أن  العمال أنفسهم هم الذين ناضلوا لتحقيق مطالبهم بسبب بعض الهيئات النقابية، التي كانت تقف ضد مطالب العمال العادلة، وتمارس ضد الطبقة العاملة أساليب قمعية أحياناً، وتتخذ تدابير مختلفة للحد من نشاطها ومبادرتها. 

إن هذا كله قد أضعف من موقف الطبقة العاملة ومنعها من القيام بالدور المطلوب منها، وتعرضت الحركة النقابية لحجز لحريتها والتضييق عليها، ولمحاولات لتسييرها بالأساليب الإدارية والحكومية، وعطلت الانتخابات النقابية، وجرى تعيين الهيئات النقابية كمكاتب اتحادات المحافظات، ولجان المعامل كما حلت بعض مكاتب النقابات بقرارات إدارية أو بضغط من أجل الاستقالات حتى يتم تعيين مكاتب جديدة من عناصر ترضى عنها السلطة، وانقطعت الصلات بين النقابات والعمال بسبب نظرة الوصاية المفروضة على النقابات، وجرى ضغط مباشر على بعض المناضلين النقابيين والعمال، حيث يجري أحياناً تهديدهم بالضرب والاعتقال؛ وأشتد أيضاً تدخل الأجهزة الأمنية بالنقابات، وسرح بعض النقابيين، لتكتمل القصة بإصدار مرسوم بتسريح عمال القطاع العام وفق المادة 85 من قانون الموظفين، التي تسمح بالتسريح دون بيان الأسباب، وكان يتم نقل بعض النقابيين والعمال بشكل تعسفي من مؤسسة إلى أخرى، وكذلك الأمر من مدينة لأخرى بسبب نشاطهم أو آرائهم السياسية.

إن هذا السلوك تجاه الحركة النقابية، قد أوجد العديد من القيادات النقابية، ومن المسؤولين النقابيين الذين ليس لهم أي صلة بجماهير العمال الواسعة، وبعيدون عن مراقبة القواعد العمالية. وكثرت العناصر البيروقراطية والمرتزقة في صفوف الحركة النقابية؛ وأصبحت الهيئات العامة للنقابات معطلة. وهذا كله أضعف الديمقراطية النقابية، وشل مراقبة القواعد للقيادات النقابية، وتعطيل إرادة العمال في المساهمة برسم السياسة النقابية، كما أدى إلى تجميد وتعطيل طاقات كبيرة من أبناء الطبقة العاملة السورية.