المحاكم العمالية تبت في القضايا بغياب أصحابها

المحاكم العمالية تبت في القضايا بغياب أصحابها

جاءت أهمية إجراءات تفعيل المحاكم العمالية خلال الشهرين الماضيين، من منطلق أنها ستعيد النظر بدور هذه المحاكم، ووضعها على السكة الصحيحة بعد أن تاهت عنها، باعتبار أن هذه المحاكم بقيت معطلة منذ تاريخ صدور القانون 17 لعام 2010 لغياب التعليمات التنفيذية الناظمة لعملها، الأمر الذي أدى إلى عدم البت في أي قضية عمالية وتراكم الدعاوى العمالية، والتي أصبحت بالآلاف.‏

يبدو أن تعليمات ونواظم وضوابط آلية عمل المحكمة في بدايتها غير سليمة، ويبدو أكثر أن ما كنَّا متخوفين منه قد حدث، وذلك من حيث الاجتهاد أو البت في القضايا دون حضور أصحابها، وهذا ما أكدته بعض المصادر المطلعة بعد البت في العديد منها، مما يعني أن وجود المحاكم وتسريع البت في النزاعات العمالية لتحقيق الغاية من وجودها وايصال الحقوق لأصحابها لم تكن كما يجب.‏

إن البت بهذه الطريقة يكون بلا شك لمصلحة أرباب العمل، في وقت كانت الأزمة لها آثار سلبية على عشرات الآلاف من عمال القطاع الخاص، والذين وجدوا أنفسهم بلا عمل نتيجة استهداف المنشآت، أو عدم تمكن العمال من الوصول إلى أماكن عملهم أو تهرب أصحاب العمل والتسريح التعسفي على خلفية الأزمة، مستفيدين من ثغرات القانون 17 لعام 2010 الذي أجاز وشرع موضوع التسريح التعسفي.

السؤال القوي الذي يطرح نفسه هو: هل من علاقة بين التسريع في البت بهذه القضايا، وبين الإبطاء في تعديل هذا القانون؟ خاصة أن هناك لجنة تعمل على ذلك لتعديل بعض المواد التي أتاحت لرب العمل تسريح العامل دون إبداء أي سبب، وأن غياب المحاكم العمالية كان له أثر كبير على الحقوق العمالية التي استبيحت نتيجة مخالفة أرباب العمل، وعدم وجود جهة قضائية تبحث بحقوق العمال.‏

بات من الضروري العمل على تعديل جميع القوانين الناظمة لعلاقة العمال مع أصحاب العمل في جميع القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة، بالإضافة الى تعديل قانون التأمينات الاجتماعية بهدف تحقيق علاقة متوازنة بين جميع الأطراف وصيانة حقوقها إلى جانب دراسة كل ما يتعلق بالأجور وبيئة وشروط العمل وظروفه بما ينعكس إيجابا على الإنتاج والإنتاجية. لأن الاهتمام بالقضايا العمالية ضروري جداً لأن القطاع العمالي هو من أهم القطاعات المنتجة والمؤثـرة في العملية الإنتاجية، فهل المحكمة العمالية ساهمت بتوليد الثقة بين القطاع الخاص والعمال، وبالتالي تحسين بيئة العمل؟!.