عمالة الأطفال في ظل الأزمة

عمالة الأطفال في ظل الأزمة

الحرب العبثية الدائرة رحاها منذ ثلاث سنوات ونيف قد أفرزت أزمات اجتماعية أصبحت ترى بأم العين في شوارع المدن والبلديات في الأزقة والحارات، وهي مظاهر لم تكن ترى في السابق بهذه الحدة والكثافة.

وأبرز ما فيها الأطفال من كل الأعمار يسرحون ويمرحون باحثين عن رزقهم في الحاويات وعلى أبواب الأفران ، وبين السيارات العابرة على إشارات المرور ولكن ما هو خطير بالنسبة للأطفال هو متعهدو تشغيلهم الذين يجمعونهم في الصباح ليتم توزيعهم على الشوارع والطرقات بعضهم حفاة بما فيهم الفتيات الصغيرات الطالبات للنقود من المارة، وهذا العمل يتم حتى المساء حيث يعود المتعهد لجمعهم مرة أخرى وتحصيل ما قد جمعوه أثناء النهار وفي هذا الوضع المأسوي وغير الإنساني كم يتعرض الأطفال لعمليات التحرش والمعاملة القاسية من قبل البعض مما يعني أن آلف الأطفال سيتحولون إلى أدوات رخيصة تستخدم في عمليات السرقة والإجرام المتعدد الأهداف بما فيه تجنيد الأطفال في الأعمال القتالية كما هو جار الآن في بعض المناطق الساخنة حيث يقوم الأطفال بالمراقبة للتحركات العسكرية، وتهريب المواد التموينية مما يعرضهم لخطر الموت المجاني لأمور، لا ذنب لهم فيها سوى أنهم وجدوا في بيئة يسودها القتال الذي أفقدهم صلاتهم بعائلاتهم إما موتاً أو تشرداً وكلا الأمرين قد دفع ثمنه الأطفال وأصبحوا في فوهة بركان الأزمة التي أصابت المجتمع السوري برمته.

هناك نموذج آخر من العمل غير الإنساني الذي أصاب الأطفال في طفولتهم وهو تشغيلهم في أعمال شاقة لا يستطيع القيام بها من هم في ريعان شبابهم وكامل قوتهم وهذه الأعمال توصف عادةً حسب التعبير الاقتصادي بالعمل الأسود المتضمن أعمال الحمل والعتالة في أسواق الهال وفي الحفر وصب الباطون، حيث أصبح الاعتماد عليهم واضحاً في هكذا أعمال بسبب ضعف وقلة الأجور التي يتقاضونها على قيامهم بمثل هذه الأعمال المجهدة قياساً بما يأخذه أمثالهم من العمال العاملين في هذا المجال وهم كبار السن وقادرون على تحمل تبعات مثل هذه الأعمال السوداء.

لقد نصت كل القوانين، ومنظمات حقوق الإنسان على تحريم عمل الأطفال، ولكن هي الحرب لها قوانينها التي تفتك بالإنسان والشجر والحجر.