بصراحة: الحركة النقابية، و مهامها في الزمن المستقطع!
الانتخابات النقابية أُجُلت لثلاثة أشهر حسب ما أعلنت عنه قيادة الإتحاد العام لنقابات العمال ببلاغها الموجه لإتحادات المحافظات، وهذا التأجيل القسري للإنتخابات هو بسبب الظروف الأمنية السائدة في بعض المحافظات، حيث لايمكن اتمام العملية الإنتخابية وفقاً للطريقة المتبعة في إجراء الإنتخابات النقابية في الأحوال العادية، هذا التأجيل يطرح على قيادة الحركة النقابية، وكوادرها المهتمة بالعمل العمالي والنقابي جملة من المهام من المفيد للحركة النقابية التحضير الجدي لإنجازها، وطرحها على الحركة العمالية، والرأي العام من أحزاب وقوى سياسية واجتماعية تهتم بواقع الحركة النقابية والعمالية، حيث ترى فيها قوة اجتماعية وسياسية هامة في ميزان القوى الوطنية المعادي للقوى الإمبريالية والرجعية، وقوى السوق«قوى رأس المال» المحلية المتحالفة، والتابعة للرأسمال الأجنبي، وانطلاقاً من هذا التوصيف فإن الحركة النقابية تتحمل قسطاً هاماً من المسؤولية في المواجهة، وفي الحفاظ على وحدة وسلامة الوطن أرضاً وشعباً، وتضعها المسؤولية هذه في مقدمة القوى التي من المفترض أنها تملك رؤية واضحة سياسية واقتصادية واجتماعية من أجل عملية التغيير الحقيقية التي لابد هي حاصلة من أجل سورية الجديدة بواقعها وموقعها الفاعل في مواجهة المشروع التقسيمي الأمبريالي الرجعي العربي، ولكي يتفعل هذا الدور للحركة النقابية
من المفترض انجاز برنامج عمالي يعكس رؤية الحركة النقابية وتطلعاتها في مجمل القضايا السياسية والاقتصادية استناداً لما طرحه الدستور الجديد من مواد أساسية، وخاصةً المادة الثامنة منه، مما يمكن الطبقة العاملة والحركة النقابية من استعادة موقعها المفترض في الدفاع عن القضايا الوطنية و الطبقية للطبقة العاملة، وعموم الفقراء في بلادنا، حيث تمثل الطبقة العاملة مصالحهم الحقيقية.
رؤية الحركة النقابية في الأزمة الوطنية العميقة ومسبباتها، وطرق الخروج الآمن منها، والمساهمة الحقيقية في ذلك من خلال التأكيد على أن الحل السياسي، والحوار هما المخرج الوحيد من الأزمة، وهذا يمكن تفعيله من الحركة النقابية من خلال انتشارها الجغرافي الواسع، وعلاقتها المباشرة بقطاعات سكانية مهمة في المناطق الساخنة تستطيع التواصل معهم وايجاد نقاط تفاهم مقنعة تجعلهم يختارون الحل السياسي، والحوار عوضاً عن الحلول الأخرى العنيفة التي أضرت بالبلاد والعباد، وأعطت القوى المتطرفة من كل الجهات فرصة فرض منطقها، وحلولها التدميرية، حيث تشكل الآن خطراً كبيراً على وحدة الوطن أرضاً وشعباً.
رؤية الحركة النقابية في أي اقتصاد يجب أن يكون، بعد التجربة المريرة مع السياسات الاقتصادية الليبرالية التي ساهمت بدور أساسي في ايصال البلاد إلى ما هي عليه الآن، وذلك بتحضيرها للحطب اللازم لإشعال نار الأزمة من خلال الإفقار الواسع وانتشار البطالة، وازدياد أعداد المهمشين، وفتح الأسواق على مصراعيها للغرب، وتهميش القطاع العام والخاص المنتج لمصلحة الاستثمارات الأجنبية الريعية التي نهبت الأخضر واليابس وجعلت الاقتصاد الوطني يئن من الأمراض والأوجاع التي عكست نفسها على مستوى معيشة الفقراء، وحولتهم إلى متسولين في وطنهم. إن الرؤية المفترضة تلك لابد أن تنطلق مما أشار له الدستور السوري في حق العمل، و تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص، وتطوير الانتاج ورفع مستوى معيشة الفرد، وتلبية الحاجات الأساسية للمجتمع والأفراد عبر تحقيق النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية للوصول إلى التنمية الشاملة والمتوازنة والمستدامة.
رؤية الحركة النقابية في قانون التنظيم النقابي الذي أصبح متخلفاً عن ما يجب أن يكون عليه دور الحركة النقابية في الظروف المستجدة، حيث أن القانون المفترض تعديله لابد أن يشير ويؤكد على ما جاء به الدستور في مادته العاشرة التي أكدت على استقلالية النقابات، وكذلك جرى التأكيد في المادة«44» على حق الإضراب والتظاهر السلمي كشكل من أشكال التعبير عن الرأي والدفاع عن الحقوق.
إن الطبقة العاملة قادرة على صياغة برنامجها، و رؤيتها السياسية والاقتصادية، وقادرة أيضاً على تفعيل دورها النضالي الوطني والطبقي كما قامت به في كل المراحل التي تعرض فيها الوطن ومصالح الطبقة العاملة للخطر.
المجد للطبقة العاملة السورية ولحركتها النقابية.