سائقو القطارات في حلب.. نضال مستمر من أجل حقوقهم
للقطارات دور مهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الشرق والغرب، فهي ما تزال موضع اهتمام كبير في الدول المتطورة اقتصادياً التي تسعى إلى التطوير الدائم لهذا القطاع الحيوي، وذلك بتوسيع شبكة السكك الحديدية لتشمل مراكز المدن، والقرى، والمراكز الصناعية والتجارية.. حتى أصبح قطاع النقل بالقطارات في معظم تلك الدول هو العمود الفقري لاقتصادها، فقد ظهرت تخصصات كثيرة في مجال النقل بواسطة القطارات ابتداءً بنقل البضائع والركاب، وليس انتهاءً بالمشتقات النفطية من المنبع أو مراكز التكرير إلى مختلف المواقع الأخرى التي تصل إليها القطارات، وبهذا فإن قطاع النقل بواسطة السكك الحديدية يحتل المراكز الأولى من حيث حجم الاستثمارات الموظفة به، وبالتالي فإن هذا القطاع الحيوي يؤمن موارد هامة للخزينة إذا ما استثمر بالشكل الصحيح فنياً وتجارياً.
وبهذا الخصوص فقد شهدت سورية تطوراً ملحوظاً في قطاع السكك الحديدية خلال العقود المنصرمة، فقد امتدت الشبكات إلى طول البلاد وعرضها، وخاصةً باتجاه المدن الصناعية المحدثة كمدينة حسياء، وعدرا الصناعية، وهذا يستدعي الحفاظ على هذا القطاع الهام في مواجهة الدعوات التي نادت ومازالت تنادي من أجل استثماره على نظام BOT، لأن في هذا مسّاً بالسيادة الوطنية واعتداء عليها.
إن التساؤل الهام الذي يمكن طرحه في هذا السياق: هل رافق تطور هذا القطاع تطوراً موازياً له في أجور العمال والفنيين وتعويضاتهم بشكل يتناسب مع طبيعة عملهم الشاقة وارتفاع الأسعار وتدني مستوى المعيشة؟؟
لقد قدم العمال والفنيون في سكك حديد حلب الإجابة على هذا التساؤل من خلال العريضة التي قدموها لوزير النقل، شارحين الظروف الصعبة التي يواجهونها أثناء عملهم، بالإضافة إلى حقوقهم التي سلبتها منهم الإدارات، حيث استدعى ذلك تحركهم باتجاه وزير النقل مطالبين بضرورة العمل على إنصافهم، وتأمين دفع تعويضاتهم دون تأخير.. هذه التعويضات التي أصبحت جزءاً من الأجر، خاصةً وأن العمال يعيشون ظروفاً معيشية لا يحسدون عليها بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار وعدم قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية اليومية لمعيشتهم بسبب السياسات الاقتصادية التي سادت مؤخراً، والتي كان من نتائجها فتح الأسواق على مصراعيها أمام احتكار تجار الأزمات وتحكمهم بالأسواق وفرض الأسعار التي تحقق لهم الأرباح الطائلة دون حسيب أو رقيب من الدولة، بل هي من هيأ لهم هذه الظروف التي سمحت لهم بالتحكم واستغلال حاجات الفقراء وخاصةً الطبقة العاملة السورية..
لقد جاء في العريضة التي وقع عليها العشرات من السائقين والفنيين في قطاع السكك الحديدية في حلب أن حقوقهم التي سلبت منهم بغير وجه حق هي:
إلغاء المكافأة على تأمين القطارات.
إلغاء التعاقد مع المحامين للدفاع عن السائقين في المحاكم.
إلغاء التعويض عن ساعات الاستلام والتسليم المنصوص عنها في الأنظمة الداخلية للمؤمن والتي لا تدخل مدة تأمين القطار.
التأخر في تسليم المستحقات من الألبسة ورداءة نوعيتها.
إعطاء أوامر شفهية من بعض المدراء ورؤساء الدوائر بحرمان السائقين من أذونات السفر، وإحالة السائق والمعاون إلى التحقيق في حال تم كشف العيوب والخلل من قبل العمال لأداء الإدارة.
التأخر في دفع التعويضات التي اصبحت جزءاً من الأجر، وهذا بدأ يأخذ شكلاً متصاعداً (تعويض العمل الإضافي والحوافز الإنتاجية اعتباراً من الشهر الثالث وما بعده).
عدم صرف تعويض الصيانة الذي صدر بشأنه قرار من مجلس الوزراء منذ أكثر من عام بصرف /5%/ شهرياً.
عدم صرف أذونات السفر منذ الشهر السابع وما بعد، مع العلم أنه يتم صرف ذلك لبعض المدراء والعاملين مباشرة كل شهر.
وبالنسبة للحالة الفنية للسكك الحديدية في حلب فقد جاء في العريضة ما يلي:
نسبة عدد القاطرات العاملة لا تتعدى /30%/ وحالتها الفنية يرثى لها.
استثمار العربات يتم بشكل سيئ بسبب ضعف الصيانة الدورية.
يتم طلب النجدة لأغلب القاطرات في محطة القيام، أو بعد محطة أو محطتين وهذه الحالات تثبتها تقارير النشاط الاستثماري.
يتم إرجاء الإصلاح لأسابيع وربما لشهور لبعض الحالات التي لا تحتاج لأكثر من ساعات معدودة مثال على ذلك (التحويل بين الحميدي والوضيحي)، مفاتيح محط جبرين التي مضى على حالتها الراهنة أكثر من عشر سنوات.
تعطل الإشارات في بعض المحطات المتوسطة حيث يتم التأخر في إصلاحها.
إن ما عرضه العمال في عريضتهم يدل على حس عال بالمسؤولية تجاه هذا القطاع الحيوي (السكك الحديدية)، وضرورة استثمارها فنياً وخدمياً أفضل استثمار لأن في ذلك مصلحة حقيقية للعمال ستنعكس إيجاباً على حقوقهم في أجور عادلة وتعويضات مجزية سيتابعون النضال من أجلها دون كلل أو ملل، وبدورنا فإننا في (جريدة قاسيون) نضم صوتنا إلى أصوات العمال المطالبين بحقوقهم، وهذا لن يتحقق إلا بتصعيد النضال المطلبي من أجلها.