برسم محافظ حمص: أبنية «مخالفة».. ومرخصة في وادي النضارة!!
بدأت أيدي بعض تجار البناء تخرب منطقة وادي النضارة الجميلة والخلابة بطبيعتها من جبال وأودية وأحراج وهواء عليل وماء عذب يتدفق من بين الصخور البلورية، وهان عليهم الاستهتار بأرواح الناس نتيجة جشعهم وطمعهم بأرباح فاحشة، ودون رقيب أو حسيب، وخاصة عندما كثرت الأبنية ذات الارتفاع الطابقي، متجاهلين قانون ضابطة البناء والعلوم الهندسية المعتمدة من نقابة المهندسين، متعاونين مع ضعاف النفوس في بعض البلديات، حيث لايزال المعنيون في معظم البلديات يساهمون بشكل أو بآخر بزيادة نسبة المخالفات تحت مسميات مختلفة، فالمنهج المتبع لدى الكثير من البلديات هو تمرير المخالفة من أجل تحقيق الأرباح غير المشروعة على حساب أرواح الناس، والجميع يعرف أن تلك المنطقة معرضة للزلازل أكثر من كل المناطق في سورية.
وفي خطوة تدل على الاستهتار بأمن المواطنين وسلامتهم يتم منح رخص البناء في محافظة حمص لتجار العقارات بإشادة أبنية متعددة الطوابق تزيد عن خمسة، دون التقيد بالشروط الفنية والسلامة العامة وضرورة الالتزام بالمعايير التي ينص عليها الكود السوري لعام 2004 وملحقاته، من ناحية دراسة الأبنية لمقاومة الزلازل. أليس من واجب المكاتب الفنية في البلديات ومجالس المدن وضابطة البناء والشؤون الفنية في المحافظة ونقابة المهندسين أن تسأل وتحاسب كل من أخل بشروط التنفيذ لمخططات إشادة الأبنية؟ أليس من واجب الجهات المعنية والمسؤولة إيقاف التراخيص الممنوحة لتجار الأبنية في حالة عدم التقيد بالشروط الفنية والسلامة العامة؟ أليس من حق الجهات المسؤولة والمعنية فرض عقوبات وغرامات على كل من خالف الشروط الفنية للمخططات الموضوعة أو إزالة البناء إذا كان يهدد السلامة العامة؟ وكيف يحق لتاجر البناء الحاصل على ترخيص من البلديات، والمخالف لهذا الترخيص، الحصول على تعويض مالي إذا تم توقيفه بعدم متابعة عمله، وبقرار من مجلس المحافظة؟ أي أنه في حال كان التاجر هو من خالف شروط التنفيذ، أي إذا كان ترخيصه سبعة طوابق، وأنجز منها أربعة، ثم ثبتت عليه مخالفة بالإنشاء وعدم التقيد بالسلامة العامة لمقاومة الزلازل، فكيف يتم تعويضه عن باقي رسوم الرخصة بإكمال التعداد لطابقي؟
أسئلة هامة وجدية تستوجب الاهتمام من الجهات المعنية، لأننا سمعنا الكثيرين من تجار البناء في منطقة وادي النضارة يطالبون البلديات بالتعويض عن قرار توقيف رخصهم، علماً أنهم كانوا مخالفين في تنفيذها لعدم وجود جدران القص الاستنادية المقاوِمة للزلازل، مع أنه يتم إشادة أبنية بارتفاع 15 متراً فوق مستوى الطريق، وأكثر من هذا الارتفاع تحت مستوى الطريق على السفوح الجبلية، وكل هذه الكتل الإسمنتية على حساب أمن صحة وسلامة المواطنين، وعلى حساب البيئة والطبيعة الخضراء التي تتعرض للتدمير عن قصد بهدف الربح الفاحش.
ما يجب العمل لأجله هو أن نفكر جدياً بتأهيل الأبنية لمواجهة الهزات الأرضية والوقاية من أضرارها، ويلاحظ الآن في سورية اهتمام كبير بهذا الموضوع الذي يفرض ضرورة الالتزام بالمعايير التي ينص عليها الكود السوري لعام 2004 وملحقاته بهذا الصدد، للعمل على درء أخطار الزلازل بإحدى الطرق المعتمدة عالمياً، وهذا يلزم نقابة المهندسين والوحدات الهندسية في الجامعات السورية والجهات المعنية جميعاً بضرورة إجراء الدراسات الحقيقية لإشادة الأبنية، وبشكل خاص تدقيق هذه الدراسات، ومقارنتها مع ما ينفذ على أرض الواقع، وإرفاقها بالمذكرات الحسابية اللازمة.
نرجو من الجهات المعنية في محافظة حمص الاهتمام بهذه الشكوى والكشف السريع على الأبنية الحديثة التي هي قيد الإنشاء والتحقيق بما ورد في نص المقال! وكيف تتم الموافقة على إعطاء تراخيص لتجار البناء بإنشاء سبعة طوابق في تلك المنطقة علماً أن ضابطة البناء لم تسمح سوى بثلاثة طوابق ورابع قرميدي؟ تجار البناء قالوا نفذنا حسب المخططات والتراخيص، ولا يوجد دراسة للأبنية لمقاومة الزلازل! يجب الاهتمام والتحقيق مع جميع الأطراف في هذه القضية لأن السلامة العامة مسؤولية الجميع.