تعديل القانون 17 أصبح من الضرورات
أظهرت الأزمة الحالية التي تمر البلاد الحجم الكبير الذي تعرضت له الطبقة العاملة السورية من إنهاك لقواها ولمقدراتها، بالقمع من أرباب العمل من جهة وبالسياسات الحكومية المحابية للأغنياء من جهة اخرى، وقد بدا هذا الإنهاك ما ينعم به رجال المال والأعمال من استغلال مفرط لليد العاملة السورية بلغ مستويات مرعبة وخاصة في القطاع الخاص. اذ تتناقص المنشآت التي يطبق بها الحد الادنى من الحقوق بالاستفادة من القانون 17 مما عرض حتى الآن أكثر من 100 ألف عامل للتسريح التعسفي، وذلك من خلال الاستفادة مما يتيحه القانون الجديد من مرونة لمصلحتهم.
وقد ساعد الى حد بعيد على استفحال هذا الوضع، فتعمدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من إفراغ جهاز الرقابة التفتيشية من محتواها، وبلغت الكارثة مستوى انعكاسها بشكل مهول في أرقام وزارة العمل ذاتها حين تؤكد على هروب أرباب العمل من التزاماتهم التأمينية وعدم تسجيلهم لهؤلاء العمال إلا ما ندر.
إن ضياع حقوق الطبقة العاملة باعتماد أرباب العمل على القانون 17 فيه كل الإجحاف بحقها، وهذا ما لاحظناه من خلال معاناة التي يعانيها العاملون في المخابز وخاصة في هذه الظروف الاستثنائية، الأمر الذي يتطلب مواجهة أرباب العمل ومحاسبتهم على كل ما ارتكبوه ضدهم، بعد أن أصبح قانون العمل بمثابة إحدى الجبهات الرئيسية التي يواصل بها أرباب العمل هجومهم على الطبقة العاملة سواء بتخفيض الأجور أو بالتسريح التعسفي أو عدم تعويضهم أيام العطل والمناسبات، أو بعدم وضعهم تحت المظلة التأمينية.
لأجل هذا يمثل القانون 17 أحد الرهانات الرئيسة للصراع بين شريحة أرباب العمل من جهة وطبقة العمال والحركة النقابية من جهة أخرى وذلك بالنضال الدؤوب من أجل تعديل هذا القانون بأسرع وقت ممكن حفاظا على المكتسبات التي حققتها طيلة تاريخها النضالي، هذه الشريحة التي تسعى دائما إلى خفض كلفة اليد العاملة وترويضها وفق تقلبات الحياة وظروف البلد وأرباحها، وهذا ما فعلته أثناء الأزمة.
وعلى الحكومة التوقف عن جس نبض القيادات النقابية وقواعدها في إصدار أي قرار يمسها، أو الاتفاق معها على أساس التوافقات، لأن لا مساومة على حقوق الطبقة العاملة التي بها نضمّن ونصون كرامة الوطن والمواطن.