نقابة عمال النفط.. دور مهم في كشف مواقع الفساد

نقابة عمال النفط.. دور مهم في كشف مواقع الفساد

يكتسب العمل النقابي مصداقيته وأهمية دوره بمقدار استطاعته ممارسة مهامه التي من أجلها يكتسب شرعية تمثيله للطبقة العاملة السورية، وذلك بالدفاع عن مصالحها الحقيقية. ويأتي في المركز الأول من مهامه الدفاع عن القطاع العام وتطويره وإصلاحه إصلاحاً حقيقياً، لكي يبقى الرائد والقائد للاقتصاد الوطني، يؤدي مهامه الوطنية في إنجاز نسب النمو الضرورية المفترض أن يحققها الاقتصاد الإنتاجي الحقيقي (الصناعي والزراعي).

إن مقدمة إصلاح القطاع العام وتطويره تكون بتخليصه من الفساد والنهب اللذين أوصلاه إلى حالة لا يستطيع فيها أداء دوره التنموي، كما ترغب وتعمل القوى المستفيدة من إبقاء القطاع العام بقرةً حلوباً تدر الملايين، بل المليارات على جيوب تلك القوى، وقطاع النفط (استخراجاً، تكريراً، وتوزيعاً) هو هدف مهم لقوى الفساد، ومصدر أساسي من مصادر النهب القائمة الآن، من خلال عمليات التهريب الواسعة الجارية على قدم وساق إلى خارج الحدود، وبكميات ليست بالقليلة، ويجري الإعلان يومياً عن مصادرة الآلاف من لترات المازوت المعدة للتهريب، مستخدمين في ذلك وسائل عدة لتحقيق هذا الهدف، سواء بالداخل من خلال احتكار مادة المازوت وشح وجودها في الكازيات الخاصة، ليتم بيعها بأسعار أعلى من السعر المحدد، وبكميات محدودة ومقننة على المواطن المحتاج لهذه المادة، وخاصة في قطاع النقل حيث تزدحم السيارات أمام الكازيات، أو في قطاعي الصناعة والزراعة، مما يرفع التكاليف، ويخرج قطاعاً هاماً من العاملين المعتمِدين على هذه المادة (المازوت) من سوق العمل، كما حدث عندما رفعت الحكومة السابقة أسعار المازوت، وتسببت بتهجير الآلاف من العائلات من أراضيهم الزراعية إلى المحافظات المختلفة باحثين عن عمل يؤمن لهم الاستمرار على قيد الحياة، بسبب التكاليف الباهظة التي تكبدها الفلاحون جراء تلك السياسات الاقتصادية، التي مازالت رموزها حاضرة وفاعلة في مواقع مفصلية في قيادة الاقتصاد الوطني بشكل عام، وخاصة في القطاع العام، الذي منه قطاع النفط، حيث جرى الحديث والكتابة عنه في الكثير من الصحافة المحلية ووسائل الإعلام، حول ما يدور في هذا القطاع الحيوي الهام، الذي يساهم بنسبة مهمة من الموارد الداخلة في حساب الميزانيات العامة للدولة، لذا فإن حماية هذا القطاع من الفساد والنهب هي مهمة وطنية من الدرجة الأولى، تقع على عاتق كل القوى الوطنية والشريفة، وذلك بالإشارة إلى مواقع الفساد وفضحها ومواجهتها بكل الأشكال والطرق والوسائل التي تضمن الحفاظ على هذا القطاع.. وفي هذا الإطار فإن نقابة عمال النفط تتابع بشكل حثيث واقع هذا القطاع، كاشفة مواقع الخلل الخطيرة الجارية داخل هذا القطاع، فقد كشفت نقابة عمال النفط سابقاً عن عمليات التهريب التي كانت تجري من خلال الاعتداء على الأنابيب الموصلة لمادة المازوت والبنزين من مصافي التكرير والمستودعات إلى مراكز التوزيع المركزية، وقد جرى هذا في أكثر من مناسبة في الاجتماعات النقابية والمؤتمرات وعبر المذكرات والكتب الموثقة بالصور إلى الجهات الوصائية، تناشدها اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة هذا النهب العلني والجاري تحت الأنظار، حيث استمرت هذه الحال لفترة زمنية ليست بالقصيرة.

ومؤخراً قامت نقابة عمال النفط بتوجيه الأنظار إلى عمليات تهريب المازوت بواسطة الصهاريج المنطلقة من فرع المنطقة الجنوبية (مستودعات) إلى المناطق المختلفة مزودةً بوثيقة مختومة بشكل نظامي، وعند استلام المادة من المحطات، يجب وضع التوقيع وختم إذن الشحن ختماً ثانياً من جانب صاحب المحطة إعلاماً بوصول الشحنة إلى الجهة التي حددها إذن الشحن (المحطة)، وبالرغم من ذلك فإن الكثير من الصهاريج يتم تغيير وجهتها المحددة لها، من أجل تهريبها إلى خارج الحدود، وذلك بمعرفة الكثير من المسؤولين الذين يغطون على هذه العمليات عبر وسطاء لهم، مثل رئيس جمعية الصهاريج الذي تم الدفاع عنه والضغط على رئيس شعبة أجور النقل في فرع محروقات دمشق، وتم إبعاده قبل إجراء أي تحقيق معه، كون رئيس شعبة الأجور قد رفض دفع الأجور لرئيس جمعية الصهاريج الذي صدر بحقه قرار بحرمانه من دخول مستودعات الشركة، وقد نُظِّمت له بطاقة مدين باسم مالك الصهريج العائد لرئيس جمعية الصهاريج، الذي دافع عنه وزير النفط ووجَّه بصرف مستحقاته، بالرغم من مخالفتها لعمليات الاستلام والتسليم لمادة المازوت التي تجري من خلالها عمليات التهريب، مع العلم أن رئيس جمعية الصهاريج الآن أمام القضاء.

إن الحركة النقابية، تتحمل الآن مسؤوليةً أساسية في مواجهة النهب والفساد، وحماية القطاع العام بقطاعاته كافة، الخدمية والصناعية والزراعية، وهي قادرة على ذلك، ولها مصلحة حقيقية في القيام بهذا الدور الوطني الذي سيؤمن الشروط الضرورية لتحقيق التنمية ورفع المستوى المعيشي للطبقة العاملة، بزيادة أجورها وتعويضاتها، والأهم من ذلك أن دورها هذا سيساهم في مواجهة أعداء الوطن في الداخل والخارج، وذلك بتأمين عوامل الصمود في مواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية، التي تمارسها القوى الاستعمارية على وطننا الغالي سورية، ولتحقيق أفضل شروطٍ للمواجهة والمقاومة لابد من تحقيق أوسع علاقة مع الطبقة العاملة السورية، التي تعيش في حالة اغتراب مع من هو مفترض أنه يمثل حقوقها ومصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. والوطنية.