بصراحة : 17 نيسان عيد الأعياد عيد الطبقة العاملة
الطبقة العاملة السورية نشأت وتكونت في رحم الصراع الوطني والطبقي الذي كان يخوضه شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية بما فيها الطبقة العاملة على مسارين متلازمين من حيث الأهمية، والضرورة
المسار الأول إنجاز الاستقلال الوطني بمعناه السياسي، أي جلاء قوات الاحتلال الفرنسي عن كامل الأرض السورية التي سعى لتقسيمها طائفياً ومناطقياً مستنداً في ذلك على قوى محلية لها مصلحة مشتركة مع الاستعمار في إنجاز التقسيم أو على الأقل القبول باستمرار الرعاية الاستعمارية السياسية والاقتصادية بعد جلاء القوات الاستعمارية، وفي هذا تأمين للمصالح المشتركة لكلا الطرفين المرفوضين من الشعب السوري الذي قاتل في مواجهتهما معاً بكل الطرق الجماهيرية والعسكرية، ولم يقبل الشعب السوري بأقل من الجلاء الكامل وسيادته الكاملة أيضاً على مقدراته وخيراته التي عمل الاستعمار على استنزافها من خلال شركاته التي استقدمها معه كي تكمل هيمنته السياسية والعسكرية بهيمنة اقتصادية.
لقد كان لقوى البرجوازية الوطنية دورٌ مهمٌ في النضال الوطني، وبالتأسيس لاقتصاد وطني منافس للشركات الامبريالية المستثمرة في الاقتصاد السوري مستفيدةً من الميزات والتنوع في المواد الأولية اللازمة في الصناعة التي تتمتع بها سورية مثل الصناعات النسيجية، والغذائية، وصناعة الجلود، ولكن في الجانب السياسي بقيت البرجوازية تغازل المستعمر، وهذا يعكسه تصريح لرئيس الجمهورية آنذاك شكري القوتلي حول طبيعة المعركة لما بعد الاستقلال السياسي حيث قال في 17 نيسان عام 1946:« الثورة الوطنية قد انتهت» بينما المطلوب فعله هو، تعزيز الاستقلال الوطني، وإزالة ما خلفه الاستعمار في الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية، والقيام بإصلاحات ديمقراطية تؤمن مستوى عالياً من الحريات السياسية، والديمقراطية للشعب السوري تمكنه من إنجاز ثورته الوطنية الديمقراطية التي تتطلب مشاركه عالية من القوى الوطنية والديمقراطية والشعبية لمواجهة المشاريع الاستعمارية التي طرحت مثل مشروع الهلال الخصيب وحلف بغداد وغيرها من المشاريع التي قاومها الشعب السوري ورمى بها إلى مزبلة التاريخ بفضل الدور الذي لعبته القوى الوطنية والديمقراطية السياسي والجماهيري في الحشد والتعبئة والقيادة على الرغم من الدور القمعي الذي قامت به قوى البرجوازية في مواجهة الشعب السوري، وقواه الوطنية، والتوافق مع تلك المشاريع.
المسار الثاني:خاضت الطبقة العاملة صراعاً ضارياً مع الشركات الاجنبية وقوى البرجوازية الوطنية من أجل الدفاع عن حقوقها الاقتصادية والسياسية والديمقراطية التي عمل المستعمر على حرمانها منها، وكذلك البرجوازية الوطنية مستفيدةً من الإرث الطويل الذي يملكه المستعمر في قمع واستغلال الطبقة العاملة، ومنعها من الدفاع عن حقوقها من خلال منعها من تنظيم نفسها في نقابات مستقلة، وتحريم حق الإضراب على العمال من خلال القوانين والتشريعات الرجعية التي كان يصدرها، وجرى تبنيها من البرجوازية السورية، ويمكن أن نضرب بعض الأمثلة على السلوك المشترك بين البرجوازية الكبيرة، والمستعمر المعادي لحقوق العمال، ومنعهم من الدفاع عنها: في نيسان 1946 تم الاعلان عن حل النقابات العمالية استناداً لقانون صدر زمن المستعمر الفرنسي، ومنعت جميع المظاهرات والإضرابات على العمال ضد الشركات الأجنبية، دعمت موقف شركة الريجي وأصحاب السكك الحديدية في مواجهة المطالب العمالية المتمثلة بزيادة الأجور وجرى اعتقال 700 عامل، جرى العمل على شق النقابات بناء على نصيحة قدمها الإنجليز.
ما نود استنتاجه من التجربة النضالية للطبقة العاملة، إن العمال وطنيون جذريون في عدائهم للقوى الاستعمارية من كل شاكلة ولون وكفاحيتهم في مواجهته ليس لها حدود تجسد في موقفهم المعادي للمستعمر، ومازال، وهذا الموقف له جذره، الوطني و الطبقي الرافض للهيمنة والتسلط والاستغلال، ويمكن القول أيضاً إن العامل الرئيسي الذي جعل الطبقة العاملة قوة أساسية فاعلة في الحياة السياسية، قدرتها على انتزاع استقلاليتها، ووضوح برؤيتها والأهداف التي تناضل لأجلها بغض النظر عن الانتماءات الحزبية لأفرادها الذي هو تنوع مطلوب وصحي يغني العمل النقابي والعمالي في إطار الحركة النقابية المستقلة.