مستقبل الحركة النقابية السورية يرسمه تاريخها وحضورها في حياة الوطن والمواطن

مستقبل الحركة النقابية السورية يرسمه تاريخها وحضورها في حياة الوطن والمواطن

كتب نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال عزت الكنج مقالة عن استعداد النقابات لعقد مؤتمراتها الانتخابية ننشر مقتطفات منها لأهميتها:

تستعد النقابات وطبقتها العاملة السورية لعقد مؤتمراتها الانتخابية مودعة الدورة الخامسة والعشرين 2008 ـ 2012 بما حملته تلك الفترة من تحديات للوطن حيث تكالبت كل قوى الغدر والخيانة للنيل من وحدة التراب السوري وأمنه واستقراره وضرب الوحدة الوطنية لأبناء شعبه, كما واجهت الطبقة العاملة أيضاً إفرازات السياسات الاقتصادية التي رافقت الخطة الخمسية العاشرة وما تزال تداعياتها حتى الآن.

واليوم ستكون المؤتمرات النقابية القادمة محطات هامة في تاريخ الحركة النقابية ولاسيما أنها تنعقد في ظروف استثنائية يحاول البعض ممن تعشعش الأوهام في أذهانهم بأنهم قادرون اليوم على الدخول إلى الحركة النقابية على خلفية ما يجري في سورية ليمتلكوا بعدها منصة هامة للتأثير في الحياة السياسية السورية على قاعدة جماهيرية لها وزنها الاجتماعي وهي الطبقة العاملة متناسياً هذا البعض بأن تاريخ ومستقبل الحركة النقابية السورية يرسمه تاريخها المشرق في حياة الوطن والمواطن.

مع العلم بأن الحركة النقابية السورية لم تكن في يوم من الأيام بعيدة عن مختلف التطورات التي شهدها العالم فقد عاشت مع غيرها من النقابات العالمية مرحلة الانتقال من عصر الازدهار الذي نعمت به أيام الحرب الباردة باعتبارها أحد أهم مكونات الأنظمة السياسية لدول اليسار آنذاك إلى مرحلة التحديات التي يمثلها سقوط جدار برلين عام 1991 واجتياح العولمة للعالم وتهديدها المستمر لمكاسب الطبقة العاملة، وهذه المستجدات بكل ما حملته من متغيرات كانت امتحاناً حقيقياً أمام النقابات ومنها الحركة النقابية السورية التي كانت ومازالت الحاضنة الأساسية لهموم الشارع السوري وتطلعاته فقد حملت على مدار السنوات الماضية أعباء بناء سورية الحديثة فساهمت بنضالها عبر مختلف المراحل التاريخية في تمتين الوحدة الوطنية وتدعيم ركائز الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع واستطاعت وطبقتها العاملة تخطي كافة التحديات التي واجهتها وأن تصنع بنضالها إلى جانب كافة أبناء الشعب السوري حاضر سورية المشرق ومستقبلها الذي يعنون دائماً بالمزيد من التطور والتقدم والصمود والمقاومة، واليوم حيث ترتفع بعض الأصوات التي يتخيل لها تحت عباءة الأزمة بأنها قادرة على إحداث تغيير حقيقي في البيئة النقابية بما يخدم مصالحها ويمنحها اتخاذ القرار الذي يناسب توجهاتها متجاهلة ذلك الحضور التاريخي للحركة النقابية الذي يؤهلها لتكون كما كانت من القوى والفصائل الأساسية في رسم مستقبل سورية.

ومن واقع الحركة النقابية التي تضم في صفوفها ممثلين للأحزاب الوطنية التي ساهمت خلال العقود الماضية وما تزال في البناء السوري نؤكد اليوم وفي كل يوم على تلك الحقيقة التي ستبقى حاضرة في الأذهان وفي الممارسات اليومية للمواطن السوري وفي الخطط الاقتصادية والاجتماعية والقرارات السياسية  إن الأيام القادمة بكل ما تحمله من متغيرات لن تلغي ذلك الوجود الفعال والتاريخي للحركة النقابية السورية التي ستخوض كما كانت دائماً وطبقتها العاملة نضالاً وطنياً يصب في خانة إعلاء شأن الوطن وحماية استقلالية قراره السياسي، ولاشك في أن المستجدات التي تنعكس مباشرة على الحياة المعيشية للطبقة العاملة وكافة فئات وشرائح المجتمع السوري وضعت القيادات النقابية أمام مسؤولياتها في مواجهة كل التحديات التي تواجه بلدنا الحبيب سورية باعتبارها فصيلاً هاماً من فصائل الحراك السياسي في سورية.

ولقد أدركت النقابات من خلال قراءتها الدقيقة لكافة المتغيرات والمؤشرات أهمية وضرورة تطوير آلية العمل النقابي وتفعيله ليكون قادراً على التعامل والتفاعل مع حالة الحراك الموجودة الآن على الساحة السورية لمواجهة إفرازات التحول الاقتصادي والتحديات الخارجية، وطبعاً تحقيق ذلك بالمفهوم والإستراتيجية النقابية يتطلب الارتقاء بالأداء النقابي وتطوير ثقافة العمل لدى عمال الوطن والتعاون مع الجهات الوصائية من أجل التأكيد على تدريب وتأهيل العمال بما يخدم العملية الإنتاجية ويحقق أهداف التنمية وتخطي الأزمات المتوالدة داخل القطاع العام الصناعي وجميع العراقيل التي تؤثر سلبياً على مسيرة التنمية.

وفي ظل ذلك كله لابد من طمأنة أولئك الواهمين والنائمين على أحلام السراب أن الحركة النقابية السورية ستبقى حصناً منيعاً من حصون العمل والبناء فالعمل النقابي نضال يومي وتراكم خبرة وتجربة وممارسة يومية مستمرة يجب ألا يعرف اليأس وما لم يتحقق اليوم يكون غداً أو بعد غد فالمهم السير في الطريق الصحيح حتى تتحقق الأهداف والوصول إلى كل ما من شأنه تأكيد دور النقابات ويعزز حضورها ومشاركتها الجهات الأخرى في التنمية والبناء وهذه المسؤولية تحتاج إلى المزيد من العمل والصبر والحرص على الإصلاح الذي يخدم مصالح الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي .