بصراحة: حان وقت الفرز الحقيقي!
مع تشكيل الحكومة الجديدة التي دخلها لون، ونهج جديدان في رؤيتهما لمجمل الأزمة الوطنية، وكيفية الخروج الآمن منها عبر برنامج اقتصادي سياسي واقعي من حيث رؤيته العلمية التي يستند إليها في حل الأزمات التي راكمتهاالسياسات الليبرالية على مدار السنوات السابقة للحكومة الجديدة،
وخاصةً في أهم مسألتين يشكل حلهما المدخل الحقيقي للخروج من الأزمة، وهما الوضع المعيشي، وما يرتبط به من أزمات متتالية كالغاز والمازوت وارتفاعالأسعار الجنوني، وانخفاض القيمة الحقيقية للأجور، وغيرها من القضايا الأخرى المرتبطة بتلك الأوضاع، والقضية الأخرى هي المصالحة الوطنية بالمعنى السياسي الاجتماعي التي ستعزز الوحدة الوطنية، وتقطع الطريق علىالمشروع الأمريكي، و حلفائه الداخليين في الاستفادة من التوتير ، والتجييش الطائفي للقوى المتشددة أينما كانت، و التي لها مصلحة في إدامة الاشتباك الداخلي إلى حدوده القصوى، وتمنع الحلول الحقيقية المعبرة عن مصلحةالشعب السوري في الخروج الآمن من الأزمة، لذا فإن الحكومة الجديدة، هي حكومة أزمة بامتياز، و برنامجها الذي ستطرحه بخطوطه الأساسية سيعطي إشارات واضحة لأطراف الأزمة الذين سيتخذون منه مواقف متباينة ، كلاًحسب مصلحته أي سيعمل البرنامج على إيجاد المناخ لاصطفاف القوى في الدولة والمجتمع، ويجعل الفرز حقيقياً، حيث لا مكان للمواقف التي بين، بين.
إن قوى الفساد الكبير، والقوى الأخرى المرتبطة بالمشروع الخارجي الأمريكي الصهيوني لا مصلحة لها ببرنامج انعطافي يحقق الخروج الآمن، وهي ستعمل على إفشاله، ووضع العراقيل أمامه بما أوتيت من قوة حتى توجدالقناعة في المجتمع أن لا مخرج من الأزمة إلا القبول بالأمر الواقع المفروض منها، أي القبول بمشروع على النقيض من مصلحة الشعب السوري في الحفاظ على وحدة البلاد أرضاً وشعباً، وفي الجانب الأخر، تلك القوى التيترى ضرورة العمل بكل السبل من أجل إيجاد الحلول الحقيقية القريبة، والمتوسطة، والبعيدة المدى للأزمة، وما بعد الأزمة، وهذا يتطلب ميزان قوى شعبي، وسياسي يتبنى ذلك البرنامج، ويدافع عنه حتى تحقيقه، والمزاج الشعبيالآن بهذا الاتجاه يؤيد برنامج الخلاص الوطني للأزمة، وحتى يتحول المزاج العام إلى قوة مادية على الأرض لابد من العمل الملموس مع الجماهير لحل أزماتها المعاشية، والحقوقية التي صادرتها، واعتدت عليها السياساتالليبرالية الاقتصادية، والاجتماعية، وقمع الحريات السياسية، مما مكن القوى الأخرى من العبث بمقدرات الشعب السوري حيث تجمع كل الحطب اللازم لاندلاع الأزمة، وتطورها بشكل خطير بات يهدد وحدة الوطن والشعب.
إن القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحركة النقابية مطالبة أكثر من أي وقت آخر في تجذير مواقفها السياسية، والاقتصادية وذلك بالدفاع عن الحقوق المشروعة للطبقة العاملة التي اكتوت بنيران السياسات الليبرالية، ولم تجد من يقفمعها بشكل حقيقي في دفاعها عن حقوقها، حيث كان الموقف العام من تلك الحقوق رخواً ليس بمستوى المخاطر التي جاءت بها السياسات الليبرالية مما جعل العلاقة بين الحركة النقابية والطبقة العاملة ليست بالشكل الذي يؤمنالقوى الضرورية للمواجهة، لذا استطاعت قوى السوق، وقوى الفساد في الدولة من تحقيق برنامجهما الذي أوصل إلى الأزمة الحالية، وكي ما تخرج الحركة النقابية من هذا النفق التي وضعت نفسها فيه، ولكي يكون إسهامها بقدرمسؤوليتها الوطنية لابد من إعادة الاعتبار للطبقة العاملة من حيث دورها الأساسي والمفصلي في النضال المشترك للخروج من الأزمة التي لها مصلحة حقيقية في الخروج منها، وذلك للأضرار المادية والنفسية التي أصابتهابالإضافة للمخاطر، والتخوفات الكبيرة عندها من التطورات الجارية وطرق حلها، وهي تخوفات مشروعة ومقلقة على ما آلت إليه الأمور