بصراحة: توجهات لابد من الدفاع عنها!!

بصراحة: توجهات لابد من الدفاع عنها!!

مؤشرات البدء بالحل السياسي للأزمة السورية أخذت تتوضح معالمها الأساسية دولياً وإقليمياً ومحلياً ، وهذا يعني أن القوى السياسية المعنية بالحل السياسي كمخرج لا بديل عنه، ستطرح على طاولة الحوار القادم رؤاها وبرامجها السياسية والاقتصادية التي ستحدد توجهاتها القادمة

وهذا سيخلق صراعاً سياسياً وطبقياً يعكس وجهة نظر القوى، ومن تمثل من ناحية المصالح، وهو ما يجري التحضير له بهمة عالية، حيث يجري تشكيل فرق العمل وتعقد الاجتماعات وتحضر الدراسات المستندة للبيانات والأرقام المعبرة عن حجم التكاليف لعمليات الإعمار، وإعادة بناء البنية التحتية التي دمرت جراء الأعمال العسكرية، كذلك يجري التحضير لطبيعة الاقتصاد السوري القادم هل هو اقتصاد مخطط؟ أم اقتصاد ليبرالي منفتح، ومرتبط بالأسواق الرأسمالية كما تم عليه الحال قبل الأزمة؟.

لقد طرحت بعض القوى «المعارضة» وجهة نظرها الاقتصادية وهذه تعكس إلى حد بعيد الموقف السياسي والاقتصادي لهذه القوى من مصالح أغلبية الشعب السوري، وهذا بدوره يحدد الموقف الطبقي من قضية العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة لمصلحة أغلبية الشعب، المنهوبة الأن بشتى الطرق، ويمكن أن نعرض شيئاً من مواقف بعض القوى:

إئتلاف الدوحة: المواءمة مع التوجهات الاقتصادية العالمية، إلغاء دعم المستلزمات تدريجياً وتوجيه الدعم لمستحقيه، تخفيض التدخل الحكومي في عملية التخطيط، والسير قدماً في عملية التحرير التجاري، التخلي عن سياسة التسعير، والتوريد الإجباري للمنتجات.

هيئة التنسيق: تتوقع هيئات الأمم المتخصصة أن يتم عقد مؤتمرات دولية وعربية عديدة بعد سقوط النظام لبحث الأمن والاستقرار في سورية، والبدء في تمويل حركة الإعمار من خلال مشاريع حيوية وعمرانية تتعهدها الدول الغربية والعربية، بالإضافة لرجال أعمال سوريين في الداخل والخارج.

إن الجامع الأساسي لمواقف «المعارضة» المذكورة الاقتصادية السياسية الاجتماعية هو البرنامج الذي يعمل على انجازه «عبد الله الدردري» من خلال مشروع الأمم المتحدة لإعادة الإعمار/الأسكوا/ لمرحلة ما بعد الأزمة، وهو يتضمن إعادة النظر بالقطاع العام من حيث الوظيفة والدور، وإعادة النظر بالدعم الذي دعا للتخلص منه تحت حجة حاجة الدولة للموارد المقدرة بـ«7مليار دولار» وعلى ذمته، وكل ما أتينا على ذكره من مواقف تأتي من أجل صياغة أجندة شاملة لإعادة الإعمار السياسي والاقتصادي والاجتماعي كما يخططون. وبالمقابل ماذا في جعبة القوى السياسية والاجتماعية التي تحمل مشروع الدفاع عن لقمة الشعب و كلمته، حيث تسود الضبابية في مواقف العديد منها لمرحلة اليوم الأول لما بعد الأزمة، و الضبابية هذه ليست جديدة بل كانت سائدة إلى حد بعيد في مرحلة الصراع مع المشروع الليبرالي التي لم تنته إلى هذه الساعة، بل ستتواصل وتشتد إلى حين إسقاط المشروع الليبرالي الذي أوصل البلاد والعباد إلى ما نحن فيه من أزمات.

الحل السياسي القادم سيجعل الأفق مفتوحاً عند القوى الوطنية والنقابات العمالية والقوى المجتمعية الأخرى التي تضررت، و المتضررة حالياً من السياسات الليبرالية من أجل مواجهة القوى الحاملة للبرنامج الليبرالي الذي أعد سابقاً وأدى الغرض المطلوب منه في تحضير البيئة والمناخ المناسب لتفجر الأزمة، وعملية المواجهة تعني صياغة برنامج نقيض للبرنامج الليبرالي الذي الأساس فيه تعزيز علاقة الاقتصاد الوطني برمته بالاقتصاد الغربي وإعادة اقتسام«الثروة» الكعكة مرةً أخرى بين قوى الفساد بالخارج والداخل.

إن النضال من أجل التوجه شرقاً ليست مسألة اقتصادية بحتة بل هو توجه وطني وطبقي مرتبط بالمصالح الأساسية للشعب السوري في تقدمه وتطوره اللاحق مع العلم أن التوجه شرقاً بمعناه السياسي والاقتصادي سيسد المنافذ التي تدخل من خلالها قوى الفساد كما هو حاصل منذ عقود من خلال الانفتاح الكامل على الغرب، وهنا يصبح مفهوماً الضراوة التي تجابه بها قوى الفساد قضية الانفتاح، والتوجه شرقاً واضعةً العراقيل، والعصي بين العجلات كي يتوقف هذا المشروع الوطني الذي يحتاج إلى القوى السياسية، والاجتماعية الحاملة له لتحوله إلى توجه شعبي تتبناه أغلبية الشعب السوري وتدافع عنه، وفي مقدمة تلك القوى الحركة النقابية والطبقة العاملة.