وقفة مراجعة مع الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب!  تحديات العولمة تتطلب حركة نقابية فاعلة

وقفة مراجعة مع الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب! تحديات العولمة تتطلب حركة نقابية فاعلة

◄ نزار عادلة

 

إذا كانت الوقائع تقول بفشل كل منظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك، بدءاً بالجامعة العربية وتفرعاتها كمنظمة العمل العربية، والاتحادات العربية الصناعية والتجارية، وإذا كان الفشل أمراً واقعاً والشلل واضحاً في أداء ودور هذه المؤسسات. فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو:

ما دور الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بكل ما يجري؟..

قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من استعراض نشأة هذا الاتحاد العتيد..

 

في عام 1956، وتحديداً في شهر آذار الذي تأسس فيه الاتحاد الدولي للعمال العرب، كانت دمشق مركز هذا المؤتمر التأسيسي لهذه المنظمة النقابية العمالية. وكان تأسيسه إيذاناً بميلاد منظمة نقابية قوية تجسد إرادة عمال البلدان العربية ووحدتهم، وتدافع عن حقوقهم ومصالحهم، وحشد طاقاتهم في مواجهة ظروف القهر والاستغلال، والهجمة الاستعمارية الشرسة التيتستهدف المنطقة العربية عبر جميع المراحل.

لن نشير هنا إلى البرامج العريضة التي وضعها الاتحاد الدولي في دستوره وفي مؤتمراته، فقد بقيت مجرد برامج تتكرر من مؤتمر إلى أخر لأسباب عديدة أبرزها:

الاختلافات البينية التي تفصل بين منظمة نقابية وأخرى. كما هو الحال بين نظام سياسي وآخر.

بهذه الطريقة تم نقل الصراع بين الأنظمة العربية على مستوى الحكومات إلى صراع بين الحركات النقابية العربية داخل الاتحاد الدولي للعمال العرب، رغم أن الدول العربية تعتبر أول مجموعة دولية في عصر ما بعد الحرب العالمية الثانية تقرر التعاون الاقتصادي فيما بينها، بدءاً من ميثاق الجامعة العربية عام 1945 مروراً بمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي،واتفاقية تسهيل التبادل التجاري عام 1953، والوحدة الاقتصادية عام 1957. ولم تلتزم الدول العربية بهذه الاتفاقيات وأحكام هذه الوثائق وغيرها.

وهذا ينطبق على الاتحاد الدولي للعمال العرب وكافة قراراته، وكما أن هناك استمرارية في الدول العربية لمظاهر التفتت والانفجار من الداخل. فأن هذه المظاهر انتقلت إلى الاتحاد الدولي للعمال العرب.

في الجهة الأخرى الجماهير العربية كانت غائبة عبر سنوات طويلة عن الفعل السياسي، بل ومغيبة، حتى عن رد الفعل عن المطالبة بحقوقها. فإن العمال العرب وأكثر منظماتهم النقابية في غياب شبه كامل عن دورهم الحقيقي رغم التطورات الاقتصادية والاجتماعية والكوارث التي تحفل بها المنطقة.

في المؤتمر الحادي عشر للاتحاد الدولي أوجز أمين عام الاتحاد الدولي أزمة الاتحاد بالآتي:

«على صعيد الحريات ثمة مشكلة كبيرة بسبب تدني مستوى الديمقراطية وضعف مستوى المشاركة الشعبية في الحكم، وغياب المساءلة وانتهاك القوانين، وهذه الأسباب تجعلنا في عجز وتخلف إزاء متطلبات عصر الثورة العلمية التكنولوجية، وتجعلنا متأخرين ومستلبين إزاء مسارات العولمة».

وأردف قائلاً: هذه التحديات تتطلب حركة نقابية فاعلة تتأسس على المرتكزات التالية:

الاستقلالية: الحركة النقابية معنية بترسيخ ارتباطها بالعمال ومصالحهم، كونها تستمد شرعيتها منهم ومن دفاعها عن حقوقهم النقابية والاقتصادية والاجتماعية. والاشكالية في واقعنا العربي تكمن في تدني مستوى الديمقراطية وهيمنة السلطات على المجال الاجتماعي.

الديمقراطية: لابد للحركة النقابية حتى تتطور أن ترسخ طابعها الشعبي وأن تكرس الديمقراطية، واحترام الرأي الأخر في العلاقات الداخلية، وتطبيق مبدأ الانتخاب والاحتكام للمؤتمرات، باعتبارها مصدر السلطات الديمقراطية وهي قوة للنقابات، والحركة النقابية التي تفتقد لها لا تستطيع أن تجدد نفسها وتتطور.

وقال الأمين العام: إن ابتعاد الحركة النقابية عن ارتباطها بمصالح العمال وقضاياهم يضعفها ويهمشها ويحد من دورها. هذا بعض ما أثاره الأمين العام السابق للاتحاد.

إن الاستنتاج الأولي من هذا الكلام هو: ماذا حقق الاتحاد الدولي للعمال العرب في الضغط لتنفيذ الاتفاقية العربية لتنقل الأيدي العاملة العربية، والاتفاقية العربية بشأن مستويات العمل. وبشأن التوجيه والتدريب المهني المشترك، في الوقت الذي كانت الاتفاقية «تنقل الأيدي العاملة» تقول:

أن تتعهد الأطراف العربية بوضع وتنفيذ سياسة الهجرة على المدى القريب والبعيد، وأن تتلاءم مع احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية.

الحفاظ على شروط الأولوية في التشغيل للعمال العرب مع التأكيد على الآتي:

الحفاظ على فرص العمال بالنسبة لعمال الدول الأصليين، والعمل تدريجياً على إحلال قوة العمل العربية محل الأجنبية. ولم يقم الاتحاد الدولي بدوره في هذا المجال والعمالة العربية كما نعرف تعاني في دول الخليج وغيرها من أنواع التمييز والإجحاف بحقوقها.

ورغم كل ذلك، وعلى الرغم من هذا الواقع الذي تعيشه جميع اتحادات ومنظمات العمل العربي المشترك، يبقى الاتحاد الدولي للعمال العرب فاعلاً من خلال مواقف عديدة اتخذها منذ تأسيسه، وواقع الاتحاد الدولي للعمال العرب يتطلب من المنظمات النقابية العربية دراسته والخروج بقرارات إصلاحية تضع هذه المنظمة في مكانها الطبيعي، خصوصاً وأن هناك ضغوطاً كبيرةتمارس على المنظمات النقابية العربية، وعلى الاتحاد الدولي للعمال العرب من الاتحاد «الحر» للانضواء تحت لوائه، وهذا الاتحاد معروف بعلاقته بإسرائيل وبمنظمات مخابراتية عديدة وعليه مئات إشارات الاستفهام.