بصراحة:   الطبقة العاملة تريد....

بصراحة: الطبقة العاملة تريد....

 وجهت قيادة الاتحاد العام لنقابات العمال كتاباً إلى النقابات كافة، بضرورة النزول إلى القواعد العمالية للتواصل معهم وشرح أبعاد (المؤامرة) وإبلاغ القيادة النقابية عن النشاطات المفترض من القيادات النقابية القاعدية القيام بها. وهذا التوجه من حيث الأساس مهم في عملية التواصل بين القيادات والقواعد كي تستطيع القيادات صياغة المهام المطلوب التصدي لها، والتيجوهرها المصالح السياسية والاقتصادية للطبقة العاملة

 حيث أن هذا الأمر يُكسِب الحركة النقابية مصداقية تمثيلها للطبقة العاملة ويمنحها قوة إضافية في نضالها ضد ناهبي حقوق الطبقة العاملة الذين عملوا على مدار عقود من الزمن في ممارسة النهب الذي شرعنته لهم القوانين، دون أن تكون هناك إمكانية فعلية تستطيع من خلالها الطبقة العاملة السورية الدفاع عنحقوقها التنظيمية والسياسية والاقتصادية، بسبب تقييد الحركة النقابية وخضوع قراراتها وتوجهاتها لجهات وصائية من خارجها تملي عليها ما يجب أن تفعله وفقاً لمصالحها الخاصة وأهدافها البعيدة عن طموحات الطبقة العاملة، وليس ما يجب أن تفعله وفقاً لمصالح الطبقة العاملة الحقيقية التي جرى الاعتداء عليها أكثر مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، وتبني السياساتالليبرالية، فقد لعب هذا السلوك دوراً مهماً في إضعاف العلاقة التي كانت وثيقة في وقت مضى بين العمال وممثليهم، ولعبت هذه العلاقة دوراً مهماً في انتزاع الكثير من الحقوق والمطالب.

إن انطلاق الحراك الشعبي السلمي وطرحه سقفاً عالياً من المطالب الحقوقية والسياسية سيؤدي حتماً إلى تغيير عميق لدى الطبقة العاملة السورية من حيث رفع سقف مطالبها، والتقدم بها من أجل تحقيقها، وهذا سيضع الحركة النقابية أمام خيارين لا ثالث لهما:

1ـ أن تتبنى الحركة النقابية خيار الطبقة العاملة في ممارسة حقها الطبيعي في التعبير عن مصالحها، وخاصة حقها بالإضراب والاعتصام السلمي، وهذا ممكن بعد أن أصبح التظاهر والإضراب واقعاً فعلياً على الأرض، وثبت أنه إحدى الطرق السلمية الفعالة في تأمين المطالب الشعبية عامة، وحقوق العمال خاصة.

2ـ أن تبقى الحركة النقابية تراوح في مكانها بفعل قوة العطالة التي عاشتها لعقود، وبهذا تفقد هذه الحركة شرعية تمثيلها للطبقة العاملة، باعتبار أن استمرارها على موقفها لا يمكِّنُها إطلاقاً من ممارسة دورها الكفاحي الفعلي، الذي ناضل آلاف النقابيين وقدموا تضحيات كبيرة من  أجله، دون الالتفات للخسائر التي تنجم عن الوقوف موقفاً صحيحاً تجاه حقوق ومصالحالطبقة العاملة.

هناك جدل يدور الآن بين الكثير من الكوادر النقابية حول سؤالين مهمين بُدئ بطرحهما، وهما:

ـ لماذا لم تستطع الحركة النقابية مواجهة السياسات الحكومية؟

ـ هل الحركة النقابية هي نقابية سياسية أم مطلبية؟

إن مجرد طرح تساؤلات كهذه ستكون مقدمات صحيحة لإعادة تقييم تجربة الحركة النقابية، وتقييم دورها السياسي والمطلبي، وهذا ما سيضعها على السكة الصحيحة في إعادة الحركة النقابية حركةً مؤثرةً وفاعلةً في موازين القوى التي تتشكل الآن، والتي تناضل من أجل مستقبل أفضل لسورية يجري فيه إعادة الاعتبار لمجمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعيةالتي تمت مصادرتها وتغييبها، وأعادت طرحَها مرة أخرى الحركة الشعبية السلمية التي تحاول قوى الفساد الكبير إجهاضها وإعادتها إلى المربع الأول قبل 15 آذار، من أجل أن تستمر هذه القوى بنهبها لمقدرات الشعب السوري ومصادرة حقوقه.

إن الطبقة العاملة تكتسب الآن خبرة الحراك الشعبي، وإن لم تمارسه على الأرض كطبقة لها مطالبها وشعاراتها التي تتوافق إلى حد بعيد مع ما رفعته الحركة الشعبية السلمية من شعارات ضد الفساد والنهب والحرص على الوحدة الوطنية ورفضها للطائفية.

إن الطبقة العاملة تريد:

1ـ الحفاظ على الحركة النقابية حركة مستقلة موحدة، مدافعة عن حقوق ومطالب الحركة العمالية.

2ـ الدفاع عن الاقتصاد الوطني، وخاصة القطاع العام المنتج (الصناعي والزراعي) وإعادة إحيائه وتطويره وتحسين أدائه، وتخليصه من ناهبيه.

3ـ مواجهة الفساد الكبير وآليات نهبه للاقتصاد الوطني.

4ـ أن يتم التأكيد على حقوق الطبقة العاملة كاملة في الدستور القادم ومنها:

ـ حقها الكامل بالإضراب السلمي دفاعاً عن مطالبها وحقوقها.

ـ رفع الهيمنة والوصاية عن قراراتها وبرامج عملها من أية جهة حزبية.

ـ حقها في أن تختار ممثليها الذين يعبرون عن مصالحها من خلال انتخابات ديمقراطية حقيقية.

ـ حقها في عزل من لا ترى فيه أهلية لتمثيلها والدفاع عن حقوقها.

إن تبنّي ما تريده الطبقة العاملة من مطالب سيعيد للحركة النقابية دورها النضالي في تعزيز مستقبل سورية بأن تكون حرة مستقلة قوية اقتصادياً وسياسياً.

الوقت لم يفت بعد، فهل تبادر كوادر النقابات لتبنّي ما تريده الطبقة العاملة؟.