عمال البطاقة وعمال التناول في المرافئ.. أين حقوقهم؟
محمد سلوم محمد سلوم

عمال البطاقة وعمال التناول في المرافئ.. أين حقوقهم؟

حسم المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2011 قضية توزيع كتلة الأجر المتحول المستحقة وفق أحكام القانون رقم 75 لعام 1979 والمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 1975 على المشاركين في العملية الإنتاجية في كل من الشركة العامة لمرفأ اللاذقية والشركة العامة لمرفأ طرطوس بعد حسم 10 % منها لمصلحة الإيرادات  في الشركتين المذكورتين، وسوّى المرسوم أوضاع العمال المشمولين بالقانون والمرسومين المذكورين بحيث تعادل أجورهم أجور أمثالهم القائمين على رأس عملهم بتاريخ نفاد هذا المرسوم التشريعي ودون أثر رجعي، وإشراك جميع هؤلاء العمال المشمولين والمشار إليهم في المادة الأولى من هذا المرسوم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية على أساس الأجر الثابت والمتحول، وتصفى مستحقاتهم وفق أحكام المادة رقم 58 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لعام 1959 وتعديلاته.

عمال البطاقة..

هذه الفئة من العمال، استقدمت إلى المرفأ عن طريق المتعهدين الذين كانوا يتعاقدون مع المرفأ للقيام بأعمال التفريغ والتحميل والتنظيف لبعض السفن القادمة إلى مرفأ طرطوس، وكانت أجورهم منخفضة، وبحسب قول رئيس  اتحاد نقابات عمال طرطوس تم التعاون مع الإدارة بالمرفأ لإحياء مكتب العمال العرضيين لتشغيلهم نتيجة الحاجة لهم ولرفع الغبن عنهم بدل تشغيلهم عن طريق المتعهدين، هؤلاء العمال بلغ عددهم نحو 1800 عامل موزعين على أربع ورديات، كل وردية فيها نحو 450 عاملاً، وهم محرومون من أية حقوق إلا أجور ساعات عملهم، ولا يعملون في الشهر أكثر من 10 – 15 يوماً فقط، ورغم صعوبة عملهم في  العراء وعنابر السفن، وتعرضهم للإصابات الدائمة والتلوث والحروق الناتجة عن التعامل مع بعض المواد الكيميائية ماعدا حوادث الوفيات بينهم.. وفي اعتصامهم أمام مقر محافظة طرطوس كانوا يصرخون موصفين صعوبة عملهم (اكشفوا علينا إن كان يوجد عامل بيننا إلا وتعرض لإصابة)، وبالرغم من ذلك محرومون من التأمين وإصابات العمل والإجازات والأعطال، بما في ذلك منحة رئيس الجمهورية.

ويتساءل بعض العمال: لماذا لا تقوم التأمينات والشؤون الاجتماعية والعمل بالضغط على القطاع الخاص وأصحاب المحلات التجارية للتأمين على عمالهم، وتبحث عنهم على السقيفة أو في زوايا المحلات ولو كان عاملاً واحداً ويعمل مؤقتاً، وتغض الطرف عن عمال القطاع العام الذين يعملون تحت ضوء الشمس؟ والأسوأ من ذلك يقومون بعملية الاجتهاد لعدم توصيفهم قانونياًَ.

هؤلاء العمال يشعرون بالغبن وعدم الأنصاف، ولديهم شعور بأن أجورهم ستنخفض نتيجة تحديد سقف توزيع الكتلة الإنتاجية بعد صدور المرسوم 8 لعام 2011، حيث أجورهم تعتمد فقط على حصتهم من الكتلة الإنتاجية ولأيام محدودة في الشهر، وأهم مطلب لهم هو إجراء عقود عمل نظامية وما يتبع ذلك من قوانين وتشريعات تضمن لهم حقوقهم وكرامتهم.

يقول رئيس اتحاد عمال طرطوس (إننا كاتحاد نطالب باستمرار بتعبئة الشواغر وتثبيت العمال المؤقتين الذين يشغلون وظائف ذات طبيعة دائمة بمختلف موقع قطاعنا العام، ونخص بالذكر العمال العرضيين بمرفأ طرطوس، ومنذ عدة سنوات وأثر النقص الحاد بعمال التناول جراء انتهاء خدماتهم وبموجب قرار وزير النقل السابق بعدم تعيين بدل المتسرب من عمال التناول حتى الانتهاء منهم، أكدنا كتنظيم نقابي المطالبة بتعبئة شواغر عمال التناول من العمال العرضيين نظراً لاكتسابهم الخبرة بعمل المرافئ..).

ويسأل أحد العمال عن الحكمة من كلمة (حتى الانتهاء منهم)؟ هل هناك نية للانتهاء من عمال القطاع العام ودخول متعهدي تفريغ سفن مع عمالهم؟

عمال التناول..

وتسمى هذه الفئة عمال إنتاج، وهم عمال مثبتون وفق مسابقة تجرى لهم، ولهم أجر ثابت وفق قد مهم يتراوح بين (5500 – 8500) ليرة شهرياً، وأجر متحول غير محدود السقف يوزع عليهم من الكتلة الإنتاجية، (وهي مجموع الحمولة بالطن التي يفرغها العمال مضروب ب 38 ليرة) وفق أحكام القانون رقم 75 لعام 1979 والمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 1975. ومنذ عام 1996 لم تجر أية مسابقة لتثبيت أي عامل إنتاج، وبالتالي انخفض عددهم من 1500 عامل إلى نحو 450 عامل، والتسرب قائم نتيجة تقدم العمر، ومنذ عام 2006 أصبحت توزع الكتلة الإنتاجية وفق معايير ناتجة عن اجتماعات الإدارة، وقد أعطاهم المرسوم بعض الحقوق والمزايا ستظهر وفق تعليماته التنفيذية، وانخفضت حصتهم من سقف توزيع الكتلة الإنتاجية، وشرحوا لقاسيون معاناتهم وظروف عملهم سوية مع العمال العرضيين ومفندين حجة الإدارة (بأن ظروف العمل في المرفأ تغيرت وأصبحت الآلة تقوم بعمل العمال).. وذكر البعض منهم مثال باخرة الموز، هذه البواخر حمولتها من 100 ألف كرتونة حتى 300 ألف، وعلى العمال تسطير هذه الكراتين واحدة واحدة، وبعد رفعها سيتم إدخالها في البرادات حيث طول كل براد 16م، ويكون في العنبر أكثر من عشر عمال وعلى الرصيف أكثر من 15 عاملاً في العراء، وهذه كلها أعمال يدوية، كون الروافع التي تستخدم ملك الباخرة، ويوجد في كل وردية من 30 – 40 عامل إنتاج ليعملوا على هذه الروافع وهم مدربون على ذلك واسمهم (الونيش) أي سائق رافعة، وهذه العملية يقوم فيها فقط عمال الإنتاج على مدى أربع ورديات، وفي عنبر الباخرة تكون درجة الحرارة منخفضة للمحافظة على الموز، وقد تبقى من يومين إلى ثلاثة أيام. وهم على أمل إنصافهم بعد صدور التعليمات التنفيذية للمرسوم، ويقولون مادمتم أخذتم من حقنا لصالح الآخرين أعطونا مما يتمتعون به من مزايا!.

شرائح التوزيع الجديد

لم يحدد المرسوم عملية التوزيع، بل تحدد بقرار يصدر عن رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري المالية والنقل يتضمن تحديد الوظائف المستحقة وأسس المنح والحجب وسقف المبالغ الممنوحة، لكن ماتسرب حتى الآن يؤكد بأن هناك أربع شرائح مقترحة تستحق من الكتلة الإنتاجية، الأولى: المدراء وهي الأعلى، والثانية: العمال المشاركين في العملية الإنتاجية إضافة إلى سائقي الرافعات والإرشاد، والثالثة: الفنيين، والرابعة: الإداريين.

بقيت نقطتان في غاية الأهمية، الأولى: عقود العمل النظامية للعمال العرضيين للخبرة التي اكتسبوها وللحاجة لهم في العملية الإنتاجية وما يترتب عليها من قوانين وتشريعات تضمن لهم حقوقهم. والثانية: الاهتمام بالبنية التحتية للخدمات التي يحتاجها العمال من المياه النظيفة ودورات المياه وتأمين بوفيه تقدم أبسط ما يحتاجه العامل من قهوة أو شاي وسندويش أو وجبات غذائية، وتأمين وسائل نقل لهم ضمن المرفأ نتيجة ابتعاد المدخل وبعد الأرصفة عن بعضها وخاصة الرصيف رقم 4، وحسب ما صرح بعض العمال لقاسيون بأن بعض المسافات تبلغ من 3- 5 كم فإما يأخذون تاكسي بـ50 ليرة أو يذهبون مشياً على الأقدام.

إن إعطاء الحقوق كاملة للطبقة العاملة وصونها بالتشريعات اللازمة قضية تتباهى بها الحكومات للدلالة على مدى عدالتها وحضارتها، فمن أكثر منا يستحق تلك العدالة والحضارة.