ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات كارثة!!

ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات كارثة!!

يبدو أن الفجوة بين الحكومات والشباب العاطلين عن العمل في ازدياد مستمر جراء الظلم الذي يتعرضون له، بعد أن تخرجوا من الجامعات بشهادات وتخصصات وصلوا إليها بعناء ومشقة، ليصطدموا بعدم تقدير كفاءاتهم وظيفيا، وماديا ومعنويا، والدخول لطابور جيش العاطلين عن العمل، إلا من كان له وساطة، أو علاقة مع مسؤول وصاحب قرار، أو مع شخصية ذات نفوذ، وذلك لسببٍ بات واضحا للجميع وهو استفراد البعض بمكامن القرار والمنفذين لسياسة «حكلي لحكلك» والرافضين للتحديث على أساس الكفاءات، وما نسمعه من مسابقات إنما هي إجراءات «خلبية» غالباً النتائج فيها تكون محسومة سلفاً!!

إن عدم وجود خطط استراتيجية واضحة لاستيعاب قوافل المتخرجين الذين يعدون بالآلاف في كل المجالات، جعلهم يعيشون شعورا من الفشل والإنهاك والإجهاد وهموم الحياة، ففي مناقشة للدكتور «وائل معلا» لمقالة نشرت في مجلة «عالم الجامعات» حول مشكلة ارتفاع معدلات البطالة بين خريجي الجامعات في دول شرق آسيا وأسبابها، يتساءل كاتب المقال فيما إذا كان هذا الارتفاع ظاهرة مؤقتة أو أنه يعكس زيادة مزمنة من الخريجين تفوق بكثير مقدار الطلب، على الرغم من أن العديد من أرباب العمل مازال يشكو من عدم القدرة على العثور على الأشخاص من ذوي المهارات المناسبة!!.
في هذه العجالة سنتناول الشق السوري في بحث د. معلا لأهميته، حيث أظهرت نتائج مسح سوق قوة العمل التي أجريت قبل الأزمة الحالية معدلات بطالة قليلة نسبيا ضمن فئة الحاصلين على تعليم جامعي ( 6.7% من إجمالي العاطلين عن العمل) مقارنة بباقي الفئات (45.5% لفئة العمال الحاصلين على تعليم ابتدائي فما دون، و19.8% لفئة الحاصلين على تعليم ثانوي، و12.5% لـفئة الحاصلين على تعليم متوسط).

تناقض في الإحصاءات

وقد أظهرت الإحصاءات زيادة نسبة بطالة فئة الحاصلين على تعليم جامعي بشكل عام ما بين عامي 2004 و2009 (من 2.6% إلى 6.7%) من إجمالي العاطلين عن العمل، إلا أن نسبة العاطلين من الخريجين قد تراجعت بشكل عام في الاختصاصات الطبية والهندسية، في حين ازدادت في الاختصاصات النظرية. فقد انخفضت مثلا نسبتهم في الطب البشري من 4.7% من إجمالي الجامعيين المتعطلين عام 2005، إلى 2.55% عام 2007، وفي الصيدلة من 2.61% إلى 0.61%، وفي الهندسة الكهربائية من 3.6% إلى 2.2%. في حين ارتفعت في الحقوق من 9.77% إلى 12.94%، وفي الاقتصاد من 8.47% إلى 13.72%، وفي الآداب والعلوم الإنسانية من 29.36% إلى 32.62%.
وحسب رأي د. معلا فإن هذه الإحصاءات تشير بوضوح إلى ضرورة تخفيض القبول في الاختصاصات النظرية في الجامعات حيث نسبة بطالة الخريجين مرتفعة، وزيادة التركيز على الاختصاصات العلمية والتطبيقية. لكن ما شهدناه في السنوات الأخيرة من انحراف في نسبة الناجحين في الثانوية العامة من الفرع العلمي إلى الفرع الأدبي وما ينتج عنه من زيادة الضغط على الكليات النظرية يتناقض مع ذلك.

قضية اقتصادية مهمة

ويشرح الباحث الحالة بقوله: لا شك في أن الأزمة التي تمر بها سورية منذ ثلاثة أعوام لها تداعياتها على نسب البطالة من جهة، وتبدّل الحاجة لخريجين من اختصاصات معينة من جهة أخرى. والمرحلة التالية، التي هي مرحلة إعادة إعمار، لا بد أن تتطلب اختصاصات بعينها، وبالتالي لا بد من إعداد دراسة دقيقة على المستوى الوطني لتحديد الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل وخطط التنمية من الموارد البشرية، لأن الاستمرار في الخلل الكمي والنوعي الحالي بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل لا يمكن إلا أن يؤثر سلباً في عملية التطوير، وأن يعيق أي خطة للتنمية البشرية والنهوض بالاقتصاد الوطني.
من الواضح أنه مهما كانت أسباب بطالة الخريجين، فإن قطاع التعليم العالي وأعداد الخريجين من الجامعات ونوعيتهم أصبحا قضية اقتصادية مهمة. فهل نتعظ من تلك الإحصاءات؟ وهل من حلٍ ملموس لمشكلة هؤلاء الخريجين!!.