الإصلاح الاقتصادي ودوره في الحماية من الفقر والبطالة
أحمد محمد العمر أحمد محمد العمر

الإصلاح الاقتصادي ودوره في الحماية من الفقر والبطالة

لم يعد القطاع العام وحده الذي  يدفع ضريبة الأزمة في سورية بالرغم من أن العديد من مؤسساته توقفت عن العمل، أو تدنى إنتاجها ، بل الأزمة تعدت وانتشرت لتنخر بقية القطاعات، ولكن المصيبة أعظم بالنسبة للقطاع الخاص، الذي تدهور بشكل كبير، وتضررت مصالح العمال فيه أكثر من عمال القطاع العام، كون توقف العمل في القطاع الخاص يعني تسريح عامليه، وفي كلتا الحالتين الخاسر، هو الاقتصاد السوري، والمتضررون هم العمال السوريون لا رأس المال.

إن الأحداث التي تعصف في البلاد وصلت لمراحل خطيرة من فقدان الأمن، وغياب الرقابة مما أدى إلى فوضى عارمة،  بظهور عصابات تقوم بالاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة خصوصاً معامل القطاع الخاص في الأرياف التي تتعرض للاعتداءات المستمرة وتكمن في الدخول إلى المعامل والقيام بنهبها أو حرقها، ومن ثم قيام هذه العصابات بنهب سيارات هذه المنشآت والقيام بأعمال إجرامية فيها، ومن هذه المعامل التي تعرضت للاعتداءات الشركة السورية للألبان (الفيحاء) في حوش الضواهرة، وكانت نتيجة الاعتداء سرقة الخزنة وسلاح الحرس، ومحاولة سرقة سيارة، الشركة العامة للمنظفات (سار) حيث تم سرقة سيارة وأسلحة الحراس، معمل المؤذن للدراجات حيث تم خطف ابن صاحب المعمل وطلب فدية مقابل إطلاق سراحه، دائرة البحوث الزراعية حيث تم قتل عامل ومحاولة سرقة... وغيرها من المعامل، وتعتبر هذه الظاهرة خطيرة للغاية حيث تزيد من معاناة هذا القطاع وعامليه فوق معاناتهم المعاشية الشديدة، حيث أدت تلك الأعمال ببعض الشركات إلى الإفلاس، ولاسيما الشركات التي تأثرت بالعقوبات المفروضة من الدول العربية، ودول الاتحاد الأوروبي ، وتوقفت أيضاً الكثير من المنشآت التي تضم عمال كثيرين  بسبب أزمة الغاز وخصوصاً معامل السيراميك وبالتالي فإن الإعلام، الذي كان يتحفنا بما يصرح به الوزراء عن وجود اكتفاء ذاتي للمشتقات النفطية  بعيد عن الواقع الذي يشير إلى أن هناك أزمة في الاقتصاد السوري المفترض أن يكون دوره أساسياَ، وداعماَ لحل الأزمات المستعصية كالبطالة، وتشغيل الشباب وخلق فرص العمل التي تلبي حقهم الدستوري في العمل ، ، وهنا نتطرق إلى ضرورة الإصلاح الاقتصادي الحقيقي الذي بدونه لايمكن الحديث عن حل فعلي للأزمات المختلفة التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وفقراء الشعب السوري، ومنهم العمال أينما وجدوا.

ضرورة الإصلاح الاقتصادي:

إن ظاهرة البطالة، و الفقر التي ازدادتا في الأزمة التي تشهدها البلاد، يقع حوالي ثلثي السوريين ضمن حزام الفقر المدقع والنسب بزيادة،  و«الإصلاحات الاجتماعية» كصندوق المعونة الاجتماعية الذي يشوب آليات عمله، وما نتج عنها الكثير من الكلام لأن مثل هذه الصناديق لا تحل ظاهرة الفقر، و لا تضيق الخناق عليه، فالأجور بالحكومة أن تعمل على تعزيز الاستثمار الحقيقي «الزراعي الصناعي» و تشجع، وتدعم الاستثمار في القطاع الخاص المنتج الذي يولَد فرص عمل حقيقية تحد من أزمة البطالة، وتعمل على تحسين مستوى المعيشة للعمال الذي يسير بخط بياني هابط نتيجة ارتفاع الأسعار التي زادت بنسبة 400% للمواد الغذائية بالمقابل زادت الأجور الاسمية بنسبة 150%.

السؤال المشروع أمام زحمة المشاريع الإصلاحية التي تطرح بين الحين، والآخر من وزارة الصناعة:هل يمكن إصلاح القطاع العام، وتطويره، وتخليصه من الفساد، والنهب اللذين أوصلاه إلى ما وصل إليه الآن؟

كل المؤشرات والتوجهات والنتائج على الأرض التي عملت وفقها الحكومة السابقة، وتعمل على نهجها الحكومة الحالية تقول إن إصلاح القطاع العام، ودعم القطاع الخاص الإنتاجي، لايمكن مع استمرار تبني السياسات الاقتصادية الليبرالية، التي هي على نقيض مع الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي،و اتجاه استثمارها هو في الاقتصاد الريعي المولد للأرباح السريعة، ولا يحتاج لتشغيل أيدي عاملة كثيرة كما هو الوضع في الإنتاج الصناعي، والزراعي الذي دورة رأسماله بطيئة، ويحتاج لأيدي عاملة لديها الكفاءة العلمية، والمهارة التي تتطلبها التكنولوجيا المتطورة.

إن عملية الإصلاح الاقتصادي، وكل عمليات الإصلاح الأخرى تحتاج لقرار سياسي يكون عماده، وجوهره القطع الكامل مع السياسات الليبرالية، وتبني نهج اقتصادي يحقق نسب النمو المطلوبة للتنمية التي ستحل بدورها الأزمات المستعصية كا لفقر،و البطالة، وتوقف الاقتصاد الوطني على قدميه بدلاً من وقوفه على رأسه.