وزارة الصحة تجاهلت دعوات نقابة الصحة..  والوثائق الرسمية تؤكد عدم موافقة القيادة السياسية

وزارة الصحة تجاهلت دعوات نقابة الصحة.. والوثائق الرسمية تؤكد عدم موافقة القيادة السياسية

أثار المرسوم التشريعي رقم 38 لعام 2012 الذي يقضي بإحداث نقابة التمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة لغطاً كبيراً بين القيادة العمالية النقابية، وبين وزارة الصحة التي لم تعط أي اهتمام بالكتب والمراسلات التي أرسلها مكتب نقابة عمال خدمات الصحة للجهات المعنية والقيادة السياسية، والاتحاد العام لنقابات العمال، وحدد المرسوم مهام عمل النقابة بالعمل على رفع شأن مهنة التمريض واختصاصاتها والمهن الطبية والصحية المساعدة، وخاصة من ناحية النهوض بمستواها العملي والمهني لتفي بمتطلبات التنمية مشيراً إلى ضرورة تشجيع العمل في مهنة التمريض والسعي لتوفير العمل للأعضاء فهل ستحقق.

يجب التريث قبل صدوره

ونتيجة اللغط الكبير بين أصحاب الشأن بعد صدور القانون أكد سامي حامد رئيس نقابة عمال الخدمات الصحية في اتحاد عمال دمشق: «إن مشروع المرسوم المذكور تم إعداده بالأصل لإحداث نقابة للتمريض فقط! (وليس نقابة للتمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة) وذلك حسب كتاب القيادة القطرية مكتب النقابات المهنية رقم 2077/م تاريخ 20/9/2010 الموجه إلى رئاسة مجلس الوزراء.

وأضاف حامد: «عندما عمدت وزارة الصحة إلى إضافة عبارة المهن الطبية والصحية المساعدة لمشروع المرسوم بحيث أصبح اسم النقابة نقابة التمريض والمهن الطبية والصحية المساعدة وتضمن كذلك إلزام خريجي كليات العلوم الصحية وغيرها من الكليات والمعاهد بالانتساب إلى النقابة المذكورة واعتراض العديد ممن يشملهم هذا المرسوم، تحرّكت النقابة وخاطبت كلاً من وزير الصحة، واتحاد عمال دمشق الذي أرسل مذكرتين إلى الاتحاد العام للعمال يشرح فيهما السلبيات التي يتضمنها مشروع المرسوم، وكذلك خاطب الاتحاد العام لنقابات العمال رئاسة الوزراء، وطلب حصر مشروع القانون بمهنة التمريض كما جاء في كتاب القيادة القطرية.

«قاسيون» حصلت على وثائق رسمية تؤكد عدم موافقة القيادة السياسية على صدور المرسوم والتريث فيه، وذلك حين خاطب الاتحاد العام العمال القيادة القطرية وشرح وجهة نظره بهذا الموضوع، فقامت القيادة القطرية من جانبها بمخاطبة رئيس مجلس الوزراء بالكتاب رقم 363/5/ق.ط تاريخ 29/2/2012، وطلبت التريث باعتماد مشروع القانون، لإعادة دراسة أخرى له بمشاركة التنظيم النقابي للوصول إلى نتائج ترضي جميع الأطراف.

ثغرات في نص المرسوم

المرسوم حسب الدراسات التي قامت بها النقابة تحمل العديد من المفاهيم بحاجة لإعادة النظر، بالإضافة لأهم الثغرات التي يتضمنها منها:

1) تسمية المهن بالمهن الطبية والصحية المساعدة في حين أن المهن المشار عليها هي ليست مهناً مساعدة بل مهن صحية، وذلك حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، وكذلك حسب مرسوم إحداث كلية العلوم الصحية واللائحة الداخلية لها، وكذلك كل الكتب الصادرة سابقاً عن وزارة الصحة، وإن تلك التسمية ستكون لها تأثيرات سلبية مادية ومعنوية على العاملين في تلك المهن من حيث التعرفة الصحية الطبية والحوافز والتعويضات.

2) إن المرسوم ركز على مهنية التمريض فقط فالمادة 28 منه تنص على ما يلي:

يحدث فرع للنقابة في كل محافظة لا يقل عدد ذوي التمريض والقبالة المسجلين فيه عن مئتي عضو.

أي يفهم من هذا البند أن باقي المهن والعاملين فيها من خريجي كليات العلوم الصحية والكليات والمعاهد المماثلة مثل (المعالجين الفيزيائيين، التعويضات السنية، فحص البصر وتجهيز النظارات الطبية، معالجة النطق ومشاكل الكلام، تصنيع الأطراف الصناعية والمقومات....إلخ) ليس لهم أي دور.

بين القيادة ورئاسة مجلس الوزراء

وجه مكتب العمال والفلاحين القطري في القيادة القطرية كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء رداً على النقابات جاء فيه:

«إشار الاتحاد العام لنقابات العمال بكتابه رقم 19/ص.ر تاريخ 23/2/2012 إلى الموضوع المتعلق بمشروع القانون الخاص بإحداث نقابة التمريض والمهن الطبية المساعدة. حيث أكد أن إلزام وإجبار خريجي كلية العلوم الصحية بالانتساب إلى نقابة المهن الطبية المساعدة سيكون له تأثيرات سلبية معنوية ومادية عليهم وسيخلق الكثير من المشاكل المتعلقة بالتعرفة الحية الطبية، وكذلك بالنسبة  للحوافز والتعويضات وغيرها. بالإضافة إلى أن المهن التي يمارسها خريجو كلية العلوم الصحية هي مهن صحية وليس طبية، وأن معظم الذي يشملهم هذا القانون من العمال المنتسبين إلى نقابات العمال وجميعهم يعترضون على هذا القانون لأنه لا يحقق مصالحهم ويرى الاتحاد العام أنه من الأفضل حصر مشروع القانون بمهنة التمريض والقبالة. وبناء عليه نرى: التريث باعتماد مشروع القانون لإعادة دراسته بمشاركة التنظيم النقابي للوصول إلى نتائج ترضي جميع الأطراف.

لماذا الإصرار من الوزارة

بعد الإطلاع على مشروع القانون الخاص بإحداث نقابة التمريض والمهن الطبية المساعدة وإلغاء المرسوم رقم 42 لعام 1952 والذي تم إقراره من مجلس الوزراء كان لا بد من إبداء الملاحظات التالية من خلال آراء بعض المنتسبين للنقابات:

- إن أغلب الذين يشملهم هذا القانون هم من ضمن المنتسبين إلى النقابات، ومع ذلك لم يطلع أو يشارك التنظيم النقابي فيه ولم يعلموا به إلا عن طريق الصحف.

- ورود اعتراضات وشكاوى كثيرة من الذين سيشملهم هذا القانون واعتبروا أن هذا القانون لن يساهم في تطوير مهنهم ولا يحقق مصالحهم بل على العكس من ذلك.

- وجود ثغرات في مضمون مشروع القانون تتعارض مع ما هو معمول به وفق القوانين والأنظمة السابقة، ويؤدي إلى ضرر كبير للعديد من أعضاء النقابة المرخصين حالياً من وزارة الصحة للمارسة مهنهم والذين يعملون في القطاع الخاص والعام وفق شهاداتهم وتلك التراخيص، لأنه وفق مشرع القانون المقترح لا يسمح لهم بالانتساب إلى النقابة موضوع المشروع وبالتالي لا يستطيعون ممارسة مهنهم رغم حصولهم على الترخيص النظامي القانوني.

- إن تسمية مهن طبية مساعدة في غير محلها فمهنة التمريض والمهن التي تدرس في كليات العلوم الصحية وكليات أخرى مثل المعالجة الفيزيائية أو التغذية أو معالجة النطق والكلام ليست مهن طبية مساعدة وإنما هي مهن صحية حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية.

الحقيقة المرّة

تم إعداد مشروع القانون دون مشاركة أو علم أغلب الجهات والفئات التي شملها هذا القانون ماعدا نقابة الممرضات في حين أن هنالك العديد من التخصصات التي ينتمي ممارسوها إلى نقابتنا مثل المعالجة الفيزيائية، التعويضات السنية، النظارات الطبية الأطراف الصناعية إلخ لم يكن لها أي علم أو راي في هذا المشروع الذي يخصها علماً بأن لهذه التخصصات والمهن لجان وجميعات عملية مهنية تمثلها مشهرة رسمياً.

أما إصطلاح (طبي مساعد) فيستعمل للأشخاص الذين يمارسون تلك المهن فهنالك فئة المجازين والمختصين الصحيين من مختلف المهن حملة الشهادات الجامعية وفئة الفنيين أو التقنيين أو المساعدين الصحيين من حملة شهادات المعاهد المتوسطة والمدارس المختصة ومن في حكمها.

وإن استعمال اصطلاح (مهن طبية مساعدة) على فئة المجازين والمختصين الصحيين سيكون له مشاكل وتبعيات تتعلق بتعويض الاختصاص والحوافز وغيرها.

‌أ) جاء في الفصل الأول مادة /2/:

يؤلف خريجو مدارس التمريض وكليات التمريض والعلوم الصحية وخريجيها والمعاهد الصحية والطبية من الجمهورية العربية السورية نقابة واحدة مركزها دمشق. بالتالي فإن من يحق له ممارسة المهن التي تتضمنها النقابة يجب أن يكون عضواً فيها كما جاء في المادة /9/.

إن هذا الأمر لا ينطبق على العديد من المواطنين المرخصين حالياً من وزارة الصحة بممارسة بعض المهن الصحية، لأن العديد من المرخصين بممارسة مهنة المعالجة الفيزيائية والمسجلين في سجل المختصين بها منذ عام 1970 وحتى تاريخه ليسوا من خريجي كليات العلوم الصحية، فأكثر الخريجين من عام 1971 وحتى عام 2006 هم من خريجي كليات ومعاهد التربية الرياضية وكليات العلاج الطبيعي الفيزيائي وكليات التأهيل الصحي.

التأثير الرجعي للقانون

وحسب ما ورد أعلاه لا يمكنهم الانتساب إلى النقابة المذكورة وبالتالي لا يمكنهم الاستمرار بممارسة مهنتهم. علماً بأنهم مرخصون من وزارة الصحة بممارستها والعديد منهم يعملون في القطاع الخاص ويملكون مراكز معالجة فيزيائية خاصة بهم بعد حصولهم على أذن فتح مراكز معالجة فيزيائية من وزارة الصحة وكذلك بعضهم يعمل في القطاع العام بموجب شهاداتهم وتلك التراخيص.

وطبعاً هذا الوضع لا يتفق مع الأنظمة التي تؤكد على أنه عند صدور قانون جديد يجب أن لا يكون له تأثير رجعي على الحقوق المكتسبة للمواطنين والتي حصلوا عليها بموجب تراخيص نظامية.

وهذه الحالة تنطبق على مهن أخرى ــ مثل مهنة معالجة النطق واضطربات الكلام فأكثر خريجيها من كليات التربية وليس من كليات العلوم الصحية إلخ.

وكذلك مهنة التعويضات السنية يتخرجون  من معاهد التعويضات السنية وليس من المعاهد الصحية.

إن حشر حوالي 12 تخصصاً صحياً في نقابة واحده يسبب الكثير من الاشكاليات نظراً للاختلاف الكبير بطبيعة هذا الاختصاصات مثل القبالة، والنظارات الطبية، الأطراف الصناعية، المعالجة الفيزيائية وغيرها.

ولو كان الأمر بهذه البساطة فلماذا لا يتم دمج نقابة الأطباء البشريين مع أطباء الأسنان مع الصيادلة في نقابة واحدة؟؟!.

إن العديد من أصحاب هذه التخصصات المنتسبين إلى نقابة عمال الصحة يعارضون مشروع هذا القانون، ويعتبرون أنه لا يحقق مصالحهم ولا يؤدي إلى تطور مهنهم واختصاصاتهم بل على العكس من ذلك، وبناء على ما سبق ولكي يتم تجن الاشكاليات التي أشرنا إليها وكي تحقق مصلحة المواطن والوطن نقترح ما يلي:

اقتصار مشروع هذا القانون على مهن التمريض والقبالة فقط. أي أن يصبح اسم النقابة نقابة التمريض والقبالة في الجمهورية العربية السورية وأن تعدل بنوده وفق ذلك. واستمرار بقية المهن بتبعيتها إلى نقابات عمال الصحة باتحاد العمال وبجمعياتها المهنية العلمية المشهرة رسمياً.

ملاحظة: كل هذه النقاط وعبر كتب رسمية وجهت لوزير الصحة ومع ذلك صدر المرسوم؟؟!.