بصراحة : مشاريع تقسيم الحركة النقابية؟!
الأزمة في الحركة النقابية العربية لم تكن معزولة في أي وقت من الأوقات عن الأزمات المستعصية في منطقتنا العربية التي يتقاسم أسبابها الأنظمة العربية و القوى الاستعمارية من كل شاكلة ولون حيث تجمعهم مصالح مشتركة تتفاوت نسبها بين نظام وآخر وهذا له علاقة بموازين القوى التي اختلت في العقود الأخيرة لمصلحة قوى رأس المال وقوى الفساد الساعية دائماً لتحسين مواقعها السياسية والاقتصادية
وهذا يقتضي القيام بأضعاف الخصم الطبقي المفترض أنه في مواجهة مصالحها والمقصود هنا الحركة النقابية، والطبقة العاملة، التي ترى فيها قوى الرأسمال عدوها اللدود، الذي تسعى بكل الوسائل من أجل إضعاف الحركة النقابية بشتى الطرق والوسائل بما فيها الترغيب، والترهيب، والتقسيم لإحكام الطوق من أجل التحكم والهيمنة على حراكها، ومقاومتها، دفاعاً عن حقوق من تمثل مستفيدة من عوامل مختلفة تكونت داخل الحركة النقابية، وخارجها، وأهم ما في ذلك نجاح الكثير من الأنظمة العربية من استمالة القيادات الأساسية في الحركة النقابية إلى جانبها تحت شعارات شكلها«أشتراكي»، مما سهل على الأنظمة إمكانية التحكم والسيطرة عليها ومنعها من التعبير بشكل مستقل عن مواقف ومصالح من تمثل وطنياً، و سياسياً، واقتصادياً، وهذا الفعل كون هوة واسعة بين الطبقة العاملة وحركتها النقابية، وأصبحت العلاقة بين الطرفين علاقة شكلية أكثر منها علاقة كفاحية، تستطيع من خلالها الرد على كل أشكال النهب والقهر الواقعة على الطبقة العاملة، التي تتطلب أعمق علاقة نضالية بين الرأس والقاعدة.
لقد بينت تطورات الحراك السلمي للعديد من الشعوب العربية المطالبة بحريتها وكرامتها وحقوقها، تخلف الحركة النقابية العربية عن الأحداث وعدم قدرتها على قيادة الطبقة العاملة التي تحركت في بعض البلدان خارج أطرها النقابية التقليدية العاجزة والمكبلة بالقيود التي منعتها من أن تقود الحراك بشكل مستقل وفاعل والأنكى من ذلك أنها وقفت في وجه الإضرابات العمالية، وأدانتها كما جرى في مصر مما أحدث فراغاً استطاعت القوى النقابية المرتبطة بالقوى الامبريالية استغلال الفراغ الناشئ ودعت إلى تشكيل نقابات مستقلة تحت دعوى التعددية النقابية وحرية تأسيس نقابات إلى درجة أنه لا مانع من إنشاء أكثر من نقابة في التجمع العمالي الواحد وهذا يقوي النقابات كما هم زعموا لا بل العمل جار منذ فترة طويلة لإنشاء اتحاد جديد للعمال العرب كبديل للإتحاد القائم الذي يتعرض لهجوم واسع من بعض الاتحادات النقابية العربية، تحت رعاية وإشراف اتحاد العمال الحر وهو استكمال لحلقة تقسيم الحركة النقابية في كل بلد على انفراد.
إن مصالح وحقوق الطبقة العاملة التي جرى الهجوم عليها من خلال السياسات الاقتصادية الليبرالية التي أفقرت الشعوب ورفعت معدلات الفقر والبطالة، مازالت مستمرة، وستبقى كذلك طالما موازين القوى على الأرض مختلة لمصلحة العدو الطبقي، وطالما الطبقة العاملة وحركتها النقابية مكسورة الجناح لا حول ولا قوة لها بسبب ما ذكرنا من أسباب حيث من المفترض تصعيد المواجهة مع العدو الطبقي وذلك بالنضال من أجل وحدة الحركة النقابية في كل بلد عربي وتعزيز استقلاليتها، وتوثيق العلاقة الكفاحية مع الطبقة العاملة صاحبة المشروع الحقيقي في التغيير السلمي والجذري والشامل المعادي حقيقةً للمشاريع الإمبريالية والرجعية العربية.