الحكومة تضغط.. الصناعي يتهرب.. العامل يدفع!
عند كل هجوم مباغت من الحكومة على أي مصدرٍ من مصادر الدعم الحكومي، وخاصة المحروقات والكهرباء التي هي أسُّ مادتنا هذه، يخرج علينا مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء، ليؤكد وينفي أن التعرفة الجديدة للكهرباء ضمن الآلية الجديدة للدعم الحكومي لن تمس شرائح ذوي الدخل المحدود، والذين يشكلون أغلبية الشعب السوري، والخاضعين لشريحة معظمهم يدفعون قيمة الفواتير تحت سقف شريحة الألفي كيلو واط ساعي، وإن المستفيدين من الشرائح التي تزيد على الشريحة المذكورة سابقا لا يزيد عددهم على 45 ألف شخص يدخل تحت سقف هذا الرقم المقتدرون مادياً أي من أصحاب رؤوس الأموال والتجار والصناعيين والفعاليات الاقتصادية على اختلافها وتنوعها.
ويتابع المصدر بطرح مبرراته قائلاً: «إن الغاية من إعداد تعرفة جديدة للكهرباء هي وصول دعم الكهرباء إلى أصحاب الحاجة الحقيقية لهذا الدعم إذ ليس من المعقول أن يتساوى في الدعم الموظف الذي لا يتجاوز دخله الشهري سقف 25 ألف ليرة في أحسن حالاته مع التاجر الذي يربح أضعافاً مضاعفة للرقم المذكور في اليوم الواحد وليس في الشهر».
لقد قامت وزارة الكهرباء مؤخراً بإصدار التسعيرة الجديدة لفواتير الكهرباء الخاصة بالصناعيين بعد «تمرير المصدر المسؤول مبرراته» وذلك بزيادة وصلت لأكثر من 100%، على سعر الكيلو واط الساعي لا كما تدَّعي من باب المساواة، مما شكل عبئاً جديداً على أصحاب المعامل والورش الصناعية، وبالتالي ارتفعت تكاليف الإنتاج على الصناعيين من جديد، والتي هي مرتفعة أصلاً بفعل الأزمة والحصار الاقتصادي أولاً، وبفعل الإجراءات الحكومية الحالية التي تستحق بامتياز لقب حكومة «عدوة الدعم» على طريقة شقيقاتها من الحكومات السابقة، لجأ الصناعيون بحكم العادة طبعاً لإعلان حربهم المفتوحة على الحلقة الأضعف من بين كل الحلقات أي على عمالهم، فكان الحل «الفظيع» ذهاب بعضهم لتسريح أعداد منهم، فيما ذهب الآخرون لزيارة ساعات العمل، والباقية المتبقية منهم بتخفيض أجر العامل الذي بالأصل لا يكفيه أجره لتلبية نصف احتياجاته المعيشية «عايش عالبركة» والحجة عند الصناعي جاهزة مسبقاً في تهرب واضح من مسؤولياته «ما في بيع»، و«رفعولنا سعر الكهربا»، «ما بكفي الدفع على الحواجز شو ساويلكم أنا»... إلخ من المبررات اللامنطقية التي يرى فيها السبب بتهديد العامل بالفصل!!.
لم يعد مقبولاً الواقع الجديد المتمثل فعلياً بخسائر الصناعي أو بإغلاق المعمل، ومن الطبيعي أمام تهديد كهذا رضوخ العمال الذي لا حول لهم ولا قوة لتهديداتهم، فلا الحكومة ترحمهم، ولا الصناعي يقدَّر ظروفهم، ولا النقابات تتابع حالهم وأحوالهم بالمعنى المطلوب منها نقابياً، والسؤال البديهي هو: أما آن للحكومة أن تجد مصدر تحويل آخر بعيداً عن جيوب الفقراء والكادحين، الذين يعتبرون الطبقة الوطنية المنتجة في كل الظروف والأوقات؟!.