تغييب المحاكم العمالية ضيَّع حقوق العمال المسرحين

تغييب المحاكم العمالية ضيَّع حقوق العمال المسرحين

استمرت المؤتمرات النقابية بالانعقاد في دمشق مؤكدة عبر تقاريرها وتصريحات رؤسائها أن الأوضاع الأمنية السائدة أدت إلى توقف العديد من المعامل، وتوقيف كلي أو جزئي، وتسريح الكثير من العمال وفقدانهم فرص العمل، والذي زاد من صعوبة المعيشة، وتأمين مورد رزق لهم ولأسرهم في ظل غياب المحاكم العمالية، وعدم فعالياتهم أدى إلى ضياع حقوق العمال المسرحين

وأشارت نقابة الصناعات الغذائية في مؤتمرها السنوي عبر تقريرها الاقتصادي أن المطلوب من الحركة النقابية أن تلعب دوراً أكبر في التأثير على مسار التحولات الاقتصادية في سورية لضمان مصالح الطبقة العاملة التي تمثلها، والتي تشكل الغالبية العظمى من أفراد الشعب، منوهاً أن الصناعة السورية بشكل عام تعاني من غياب إستراتيجية واضحة ومحددة، ويجعل من عملية تطوير هذا القطاع، وتحديد ملامحه المستقبلية وإصلاحه أمراً متعذراً. 
وأكد محمود الرحوم في تصريح لـ«قاسيون» عقب انتهاء المؤتمر أن الاقتصاد السوري شهد ارتفاعاً كبيراً في المستوى العام للأسعار، وتحرير الأسواق وضعف الرقابة التموينية، وارتفاع أسعار الوقود، مما أدى إلى انخفاض في مستوى معيشة الفرد، ولاسيما ذوي الدخل المحدود من عمال وفلاحين، مشيراً أنه وانطلاقاً مما ذكر فإن الوضع الراهن يتطلب استمرار الدولة في تقديم الدعم، وخاصة للمشتقات النفطية وبعض مكونات السلع الغذائية، هذا إن كنَّا متفقين أن من أهم مبادئ اقتصاد السوق الاجتماعي تحقيق العدالة في توزيع الثروات وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين.
وطالب الرحوم الحكومة بدعم القطاع الصناعي والزراعي بكل أبعاده، وتحفيز التصدير، مشيراً أن فتح الاستيراد على مصراعيه دون قيود أدى إلى إضعاف الصناعة الوطنية، وجعل هذه الصناعة تواجه تحديات كبيرة مفادها طغيان المستوردات على الصناعة المحلية والتصدير. 

البحث عن جبهات عمل

عانى عمال القطاع الخاص العاملون في مهنة البناء للكثير من المشاكل كونه قطاعاً صغيراً، ومنتشراً بشكل عشوائي في المدينة وأريافها، وعمله غير المستقر، وتلجأ الكثير من ورشه للإغلاق نتيجة الركود في السوق، وعدم انتظام عملية البناء، وارتفاع الأسعار ونقص السيولة، ونتيجة لمَّا ذكر فإن العديد من عمال هذا القطاع باتوا عاطلين عن العمل، أو العمل بأجور زهيدة، مما دفع بالكثير منهم إلى السفر خارج البلاد، وذلك حسب التقرير الذي قدمه مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب لمؤتمرهم السنوي.
وشدد محمد غسان منصور رئيس مكتب النقابة في تصريح لـ«قاسيون» أن كل هذا أدى إلى وجود خلل في التركيبة الهيكلية لهذا القطاع، والمهن التابعة له مع نقص حاد في عماله، وخاصة الخبيرة منها، فهؤلاء العمال لا يربط بينهم أي رابط قانوني، ولكن كل ما يجمع بينهم هو ظروف العمل القاسية، وحرمانهم من السلامة المهنية والتأمينات الاجتماعية، والترفيعات الدورية والإجازات السنوية، والراتب التقاعدي، وبالتالي حرمانهم من كل ما يتمتع به العامل في القطاع العام رغم معاناته هو أيضاً، وما يجمع بينهم أيضاً وجودهم تحت سلطة رب العمل واستغلاله لجهودهم وما ينالونه بعرق جبينهم.
وكشف منصور أن هذه الأسباب مجتمعة كانت السبب في تشكيل نقابة باسمهم لتدافع عن حقوقهم، وتشجع عمال البناء في القطاع الخاص على الانتساب إليها، حتى يكونوا تحت حمايتها، وهي الوسيلة المثلى لتجميعهم وتوحيدهم، ورفع وعيهم ليصبحوا قادرين ومساهمين في تحسين ظروف حياتهم، وبالتالي مجتمعاتهم في الوقت ذاته، مع إيجاد جبهات عمل حقيقية.

محاربة الاقتصاد السوري

من جانبه أكد بشير حلبوني رئيس نقابة عمال الدولة والبلديات في تصريح لـ«قاسيون» أن الحصار الأمريكي الغربي والعقوبات الاقتصادية كانت السبب الرئيسي في تجفيف بعض منابع الاستثمار والطاقة وضرب الزراعة وسرقة المعامل والمطاحن وتهريبها خارج البلاد، وضرب البنى التحتية لمؤسسات البحث العلمي، والتهجير القسري لليد العاملة من المسلحين في بعض المناطق، مشيراً أن كل ذلك أدى إلى انخفاض قيمة الليرة السورية في ظل محاربة الاقتصاد السوري من خلال رفع قيمة القطع الأجنبي، وإضعاف الليرة السورية والقدرة الشرائية لها، وقيام تجار الأزمات باستغلال وافتعال الأزمات، وخاصة فيما يتعلق بسعر الصرف.
وكان التقرير المقدم لأعمال المؤتمر السنوي للنقابة قد أكد أن سياسة الاقتصاد الكلي لم تنجح السياسات النقدية في سورية، ولم تكن أكثر فاعلية في التدخل بسعر الصرف.
وقال التقرير إن الأزمة أثرت تأثيرا واضحاً على أسعار السلع للمستهلك، وكانت الصدمة الأولى بارتفاع المواد الاستهلاكية وأسعار الطاقة، كما أثرت على إنتاجية المؤسسات ووارداتها المالية، وخدماتها وعدم تنفيذ بعض المشاريع الجديدة.

مرعي وموسوعة غينيس

اعتبر مؤتمر نقابة عمال النفط مطالب العمال في القطاع النفطي القضية الأساسية والهامة التي يعمل عليها مكتب النقابة، وذلك من عملها الميداني في التجمعات العمالية، واجتماعاته ولقاءاته وحواراته، ومن خلال معالجته وحله للقضايا العمالية على أرض الواقع مع الإدارات، وبوجود اللجنة النقابية، بالإضافة لبعض القضايا التي ترفع للقيادة النقابية العليا.
وأكد المكتب في تقريره المقدم للمؤتمر أنهم يعملون على ترسيخ مبدأ القيادة الجماعية والعمل المؤسساتي، وتطوير القطاع العام والمحافظة عليه، ومكافحة الفساد أينما وجد، والمساهمة في تطوير القوانين والخدمات الاجتماعية.
وأشار رئيس مكتب النقابة علي مرعي أن المكتب كان متابعاً أميناً للعملية الإنتاجية، ووسائل الإنتاج، ومتابعة إجراءات تنفيذ الأعمال والخطط، مبدياً الرأي النقابي الصائب لأن دور النقابة يجب أن يكون ميدانياً لمعالجة الأمور كافة، ومعالجة الصعوبات والمعيقات وتحسين الأداء، ورفع الإنتاجية، واحترام الزمن والوقت وتخفيض التكاليف والهدر، والعمل على تنسيب جميع العاملين في القطاع العام والخاص والمشترك.
وكان علي مرعي من أكثر القادة النقابيين الذين أثاروا قضية الدعم، وموضوع أزمة المحروقات من مازوت وغاز وكيفية توزيعها وتأمينها للمواطن، والتي يستحق عليها دخول موسوعة غينيس.

الاكتفاء الذاتي في خبر كان!

تأتي أهمية القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في الاقتصاد السوري، باعتباره يشكل الركيزة الأساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، والذي يساهم في تأمين الأمن الغذائي، إلا أن السنوات الأخيرة التي انتهجت فيها سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي والتي توَّجت باعتماد سياسات ليبرالية في مختلف العمليات الاقتصادية، والتي أيضاً كانت نقطة العبور لدخول الأزمة العميقة التي تعيشها البلاد، هذا ما أكده رئيس نقابة عمال التنمية الزراعية وحيد منصور بعد انتهاء أعمال مؤتمرهم في تصريح لـ«قاسيون»، مشيراً أنه وعبر سنواتها الثلاث لم تعد الإجراءات اللازمة لتأمين الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الغذائية الأساسية كما كانت، فالحكومة لم تول الاهتمام الكافي، والتسهيلات والدعم التي كانت تقدم للمنتجين قلصَّت كثيراً في الآونة الأخيرة للاستمرار في إنتاجهم سواءً من ناحية دعم أسعار البذار، وسعر المنتج النهائي أو الدعم الكامل على أساس وحدة المساحة، والذي كان سبباً في إيقاف التوسع بالمساحات المزروعة، ولم يحقق الإنتاج المطلوب منه للمساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
 وقال منصور: إن المخزون الاستراتيجي الذي كنَّا ومازلنا نتباهى به كإجراء احترازي تحسباً لظروف استثنائية كثيراً ما وصل لمرحلة الخطر في تلبية الطلب المحلي، يجري هذا في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن القطاع الزراعي من أهم قطاعات الاقتصاد الوطني من حيث مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، والذي يتراوح بين 17-21% من حيث مساهمة المنتجات الزراعية بنسب تتفاوت من إجمالي الصادرات، والمساهمة في الصناعات التحويلية حيث تشكل الصناعات الغذائية والمشروبات والتبغ التي تعتمد على الموارد الزراعية الخام ما نسبته 27%، من الناتج المحلي الإجمالي للصناعات التحويلية، والقضية الأهم أن القطاع الزراعي يؤمن فرص عمل لحوالي 15-21% من إجمالي القوى العاملة الكلية في سورية.