من الأرشيف العمالي : الظاهرة الأكثر إيلاماً للفقراء
إن الفقر والبطالة من الظواهر الاجتماعية الخطيرة، وهي تنتج موضوعياً عن تطور قوى الإنتاج أثناء عملية التطور الرأسمالي، ولها نتائجها المدمرة والكارثية، والتي تمس بنية الدول والمجتمعات وتعيق استقرارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي بدأت تجتاح المجتمعات المتقدمة والمتخلفة من عدة عقود بدرجات مخيفة، تختلف بحسب ظروف تلك البلدان سواءً أكانت متقدمة أو متخلفة.
ما هو الفقر؟
إن تعريف الفقر حسب البنك الدولي هو كالتالي: يعتبر كل شخص فقيراً إذا هبط دخله أو استهلاكه عن مستوى الحد الأدنى للمعيشة أي خط الفقر. وذلك لتلبية حاجاته الأساسية، والمؤشر هنا هو مستوى الدخل أو مستوى الإنفاق مع الأخذ بعين الاعتبار القوة الشرائية للعملة المحلية مع الدولار الأمريكي والتي تختلف حسب ظروف كل بلد، وذلك من أجل وضع المعايير الدولية لتعريف الفقر.
ما هي البطالة؟
عرف المكتب المركزي للإحصاء العاطل عن العمل بأنه الفرد سواءً كان ذكراَ أم أنثى، القادر على العمل ويرغب فيه، ولم يجده خلال فترة الأسبوع المنتهي بيوم المسح، وعلى الرغم من الضبابية واللبس حول هذا التعريف الذي يختلف حسب نظام العمل كعدد ساعات العمل والأجر والاستمرار في العمل، على الرغم من هذا كله، سنعتمد هذا التعريف الذي يرونه «مناسباً» للأرقام التي تصدرها الجهات الرسمية والتي يشك بأمرها!
حجم البطالة الحقيقية في سورية
تشير النسب التالية لمحاولة طمس الحجم الحقيقي لهذه الكارثة، فوفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لعام 2002 تبلغ نسبة البطالة 9.5% من مجموع قوة العمل، ووفقاً للمجموعة الإحصائية السورية تقدّر بـ 11.6%، ووفقاً لهيئة مكافحة البطالة (قطاع عام) تصل هذه النسبة إلى 15%، ووفقاً لهيئة تخطيط الدولة ترتفع النسبة لتصل إلى 17%، فيما يؤكد معظم الباحثين والمختصين أن هذه النسبة تبلغ 20% في أحسن الأحوال، وقد ترتفع إلى 23% من إجمالي القوى العاملة في البلاد. و 12 – 15 % من مجموع السكان. و50% منها بين الشباب ما دون الثلاثين عاماً مع تجاهل الإحصاءات الرسمية للبطالة المقنعة. ومع الانتباه لتدني المستوى التعليمي للعاطلين، حيث لا يصل 72% من أولئك إلى مرحلة التعليم الإعدادي، والفئة العمرية لهذه النسبة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن /30/ سنة حوالي /80/ بالمئة من العدد الإجمالي للعاطلين، وحسب معدلات النمو في قوة العمل منذ أوائل الثمانينيات وبالمقارنة مع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي فإن العجز السنوي في فرص العمل قد تراوح خلال الثمانينيات بين 60 و90 ألف فرصة عمل سنويا،ً وقد تراوح هذا العجز خلال التسعينيات بين 100 و150 ألف فرصة عمل سنوياً، أي أن المجموع التراكمي للعجز في فرص العمل يزيد عن 2 مليون فرصة عمل خلال العقدين الأخيرين، والتي لا يمكن الحديث عنها في ظروف مثل ظروفنا، إلا بربطها بالسياق المؤسسي للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
قاسيون العدد /238/
كانون الثاني 2004