الدورة العادية السادسة عشرة للمجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال
كفى الحكومة وعوداً خلبية.. يجب البحث في مسببات الأزمة
تعتبر الطبقة العاملة السورية وتنظيمها النقابي المنظمة الوطنية الجامعة لمجموع الشعب السوري، التي تدافع عن وحدتها ومصالحها وحقوقها وتوحّد القوى في النضال الوطني- الطبقي ضد مستغليهم منذ تأسيسها إلى الآن، وظلت صوت العمال والفلاحين ونضالهم على جبهتي النضال داخلياً بالدفاع عن حقوق الكادحين بسواعدهم وأدمغتهم ولقمة عيشهم، وخارجياً بالدفاع عن وحدة الوطن وأمنه واستقراره وضد التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لسورية، حفاظاً على السيادة الوطنية، من هنا تشهد اجتماعات المجلس دائماً سجالاً ونقاشاً حاداً بين ممثلي الحكومة والعمال، ولعل ما شهدته الدورة السادسة عشرة للمجلس العام للاتحاد العام لنقابات العمال من اختلاف في الرؤى تتطلب استقلالية الحركة النقابية حتى تلعب الدور المطلوب منها بفعالية عالية بما فيه حقها في الإضراب حين تكون حقوقها منقوصة أو مهددة من أية جهة كانت، فماذا قال النقابيون في مجلسهم الأخير بحضور الطاقم الحكومي والحزبي؟!.
مليحي: الدردري على حصان منظمة الاسكوا
إعادة بناء القطاع العام والتوسع به أفقيا وعمودياً، بالتوازي مع التوزيع العادل للثروة كخيار وضرورة وطنية ملحة طرحته هدى مليحي أمينة الشؤون المالية في الاتحاد العام، مطالبة بوجود خلية أزمة على المستوى الاقتصادي لمعالجة الظروف المعيشية، وحل مشكلة ارتفاع الأسعار، وإعادة النظر بالسياسات الأجرية والضريبية.
وقالت مليحي: إلى جانب تحدي الأمن والمحافظة على السيادة، لدينا تحديات في مواجهة الفقر والبطالة وارتفاع التضخم هذه المؤشرات أحدثت خللاً اجتماعياً وعصفت بالتوازنات الاقتصادية – مواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار والجوع وفقدان الدواء مسؤولية الأب العادل «الدولة» الذي عليه الضرب بيد من حديد على مستغلي حاجة الشعب ولقمة عيشه.
وأوضحت أنه في رحلة البحث عن موارد لم يجد أصحاب القرار الاقتصادي أمامهم سوى رفع أسعار المشتقات النفطية لتخفيض عجز الموازنة، وتعويض النقص في الموارد وجرى زيادة 5% ولمدة ثلاث سنوات على جميع الضرائب والرسوم المعمول بها في الدولة، المباشرة منها وغير المباشرة، والتي ستصيب بنيرانها القاتلة الطبقة الفقيرة والمعدمة لتزيدها فقراً متجاهلين عن قصد المنابع الأخرى للموارد عند أثرياء اغتنى أغلبهم بأساليب غير مشروعة، وهذا ما دفعنا لنتساءل عن أسباب الاصرار الدائم على تحميل الشرائح الفقيرة أعباء أي تحول اقتصادي أو أزمة اقتصادية كالتي نعيشها اليوم.
وبينت أن الشعب السوري لديه طاقات عظيمة وقادر على إحباط كل الحسابات، وهذا يتطلب إعادة النظر بالسياسات التي مورست والتي أوصلت البلد إلى هذه الأزمة، ولابد من تفعيل الحياة السياسية وتعبئة طاقات الشعب لخلق جبهة عريضة لمحاربة الفساد بكل أشكاله.
وأوضحت أن هناك معلومات حول إعادة طرح الرصيف المستثمر في مرفأ طرطوس للاستثمار مجدداً، وأن هناك شركة فرنسية مرشحة للفوز بالاستثمار، ونذكر بأن النقابات عارضت الاستثمار، ولم تجد مبرراً له، وأكدت أن تسليمه للقطاع الخاص سيؤدي إلى تراجع ايرادات الدولة، ولم تلق نداءات العمال آذانا صاغية، ولكن توسع مخالفات الشركة المستثمرة وعدم التزامها بأداء متطلبات العقد وامتناعها عن تسديد التزاماتها أدى إلى انسحابها بعد ست سنوات راكمت خلالها ديونا بلغت 11 مليون دولار، والسؤال الآن هو: لماذا ولمصلحة من نعاود فكرة استثمار المرافئ، ألا تكفي التجربة السابقة من تأكيد أن العقود باسم الشراكة تخفي سمسرة، وحصصاً لكبار أصحاب الربح، وتحرم الدولة من عائدات هي بأشد الحاجة إليها.
ولفتت أنه في 29 آب 2013 استضافت كوريا الجنوبية مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار الاقتصاد السوري بمشاركة 60 دولة وفي 24 أيار 2013 اجتمع أصدقاء سورية في أبو ظبي لبحث الاقتصاد السوري ما بعد الأزمة ولتعلن خلاله المانيا والإمارات تحالفها لإنشاء مبادرة مشتركة لإعادة بناء سورية، وبين هذا وذاك جاء الدردري حاملا مشروعا لإعادة إعمار سورية على حصان منظمة الاسكوا مبينة أن هناك حراكاً دولياً لتقاسم الكعكة السورية، وما الدعم السياسي لهذا الفريق أو ذاك سوى فاتورة اقتصادية سندفعها نحن السوريين لاحقاً باسم إعادة الإعمار.
وشددت على أن الأطراف الجدية في الأزمة السورية لم تطرح مقولتها بعد بإعادة الإعمار، ولابد أن توجد جهة اقتصادية وطنية تطرح إمكانية الاعتماد على الموارد الاقتصادية المحلية لمرحلة إعمار سورية لأنها الكفيل الوحيد بعدم حدوث انعكاسات سلبية عميقة في معيشة المواطن، وإعادة إنتاج الأزمة السورية مؤكدة على إعادة النظر جذريا بالسياسات الاقتصادية المتبعة للوصول إلى الموارد الضائعة في دهاليز الفساد واكتشاف الموارد المهدورة، فإعمار سورية يجب أن يكون بكوادر وطنية وبرؤوس أموال وطنية وليس تلك التي هربت منذ بداية الأزمة لتعود مع انطلاق قطار إعادة الإعمار لتحقيق المليارات مجددا.
الحسن: ما زال هناك مسؤولون يروجون للفكر الليبرالي
كعادته ارتجل أحمد الحسن أمين شؤون العمل بالاتحاد مداخلة من العيار الثقيل لم تروق لبعض الحضور الذين أبدوا عن امتعاضهم من طريقة تناول الحسن للشأن الاقتصادي والنقابي، ورفض الحسن اتهام الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي بتهميش الدور المطلوب منها وطنياً وطبقياً لأنها كانت على قدر المسؤولية الوطنية لكن حين لن يؤمن لها لقمة العيش ستذهب لمكان آخر يؤمن لها ذلك، وهذا الأمر في غاية الخطورة وعلى القيادة والحكومة أن تعي أن العلاقة بين المنظمة والحزب علاقة عضوية وليست وظيفية، لذلك يجب دراسة ذلك ووقف السياسات التي تهمش العمال لمَّا تتركه من آثار سلبية وهي التي أثرت على تسريع الأزمة بنتائجه الكارثية على الوطن قائلاً: قلنا سابقاً إن هناك من نفذ سياسات اقتصادية اجتماعية كان هدفها ضرب البلد اقتصادياً لتسهيل ضربه سياسياً، لكن المصيبة أن هناك من هو حتى الآن في بعض مواقع إدارية عليا يروجون لهذا الفكر الليبرالي وكأن شيئاً لم يكن، يجب محاسبة هؤلاء دون إبطاء، لأن موضوع لقمة الشعب وكرامته أصبح ضرورياً، ويجب الدفاع عنه، كفى الحكومة وعوداً خلبية تبقى في الأدراج، فالقضية ليست في القوانين، لذلك من الهام جداً البحث في مسببات الأزمة، مازلنا نعيش في الفكر والعقلية السابقة، فالفساد والترهل الإداري والتسلسل غير المنضبط إدارياً أوصل البلد إلى مواقع لم تعد تحتمل بسبب تعيين أشخاص ليس أكفاء، لذلك يجب أن يكون الجميع استثنائياً على حجم الأزمة، أما في قضية الفساد فأعتقد أنها ظاهرة وليست حالة عرضية، ولا يمكن معالجتها بالقول: فلان فاسد، وإنما البحث في مضمون الفساد وأسبابه أكاديمياً وبمفهومه الاقتصادي الاجتماعي والخروج بالحلول، والعمل على مسارات الإنتاج الحقيقي الصناعي الزراعي وليس الخدمي لتأمين الحياة المعيشية اللائقة للمواطن.
إيليو: المعارضة الرجعية واجتذاب المهمشين
معاناة محافظة الحسكة مع الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي انعكست على الواقع المعيشي لأبنائها أخذت حيزاً من مداخلة فهمي إيليو رئيس اتحاد عمال الحسكة المحافظة، وأن الجزء الكبير منها كان بفعل السياسات الاقتصادية التي اتبعت في السنوات السابقة، وانعكست مفاعيلها في الأزمة الحالية بشكل كبير نتيجة الحصار الجائر الذي فرضته الجماعات الإرهابية المسلحة على المحافظة من خلال تحكمها بالطرق الرئيسية التي تغذي المحافظة بالمواد الأساسية. فاستفحلت مشاكل عديدة تخص الكهرباء والمياه ورغيف الخبز، وغلاء فاحش في الأسعار دون أية رقابة تموينية، وفتحت الأبواب على مصراعيها للمحتكرين، مما أدى إلى هجرة واسعة في المحافظة، والتي ساهمت في زيادتها السياسيات الاقتصادية المتبعة حالياً فبدلاً من امتصاص البطالة يجري تسريح العمال، وإنهاء خدماتهم كما حصل لـ 157 عاملاً من المشاريع المائية بحجة عدم توفر جبهات عمل، وكذلك 239 عاملاً من مؤسسة الإسكان العسكرية، و 16 عاملاً من فروع المحروقات بالحسكة، أما عمال المحالج فيتجاوز عددهم 400 عامل.
وبيَّن إيليو أن هذه السياسات لا تخدم الموقف الوطني، وبشكل خاص في ظروف الأزمة الحالية التي تحاول قوى المعارضة الرجعية اجتذاب المهمشين، وبشكل خاص في ريف المحافظة لجعلهم وقوداً لتحركهم الرجعي.
موضحاً أن الأزمة في سورية ثلاثة أقسام أولاً المسلحون على الأرض، وثانياً الضغط الخارجي ومن يأتون من الخارج، والجزء الثالث منه الفساد ولمحاربته علينا أن نؤشر عليه، وتطبيق مبدأ المحاسبة وتعرية الفاسدين أينما كانوا، ومحاسبتهم علناً وبث قضايا محاسبة الفاسدين الكبيرة إعلامياً، وتأهيل واعتماد حوامل بشرية قادرة على النهوض الوطني والاقتصادي والاجتماعي.
شيبان: إعادة العمال المصروفين من الخدمة
القرارات التي تتعلق بالصرف من الخدمة بموجب أحكام المادة 137 من قانون العاملين الأساسي في الدولة لعدد من العمال في قطاعات مختلفة من الدولة وأوقفت مستحقاتهم التقاعدية لحين صدور حكم قضائي مبرم، كانت الأساس في مداخلة عادل شيبان رئيس اتحاد إدلب، وأشار إلى تشكيل لجنة في المحافظة من رئيس مكتب التنظيم بفرع الحزب ورئيس اتحاد عمال المحافظة بناء على ضوء التعميم رقم 111/15 تاريخ 19/6/2013 الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء مهمتها التدقيق ودراسة التظلمات، والكتب الواردة من الجهات العامة إلى المحافظة بخصوص النظر بوضع العاملين المظلومين، وشدد شيبان على كلمة «المظلومين» الذين صرفوا من الخدمة وأوقفت رواتبهم التقاعدية، وتبيَّن لنا من خلال اطلاعنا على خلاصة الجهات المعنية أنه لا يوجد بحقهم أي ملاحظة أمنية نرجو إنصافهم وإعادتهم الى العمل.
أما في موضوع كف اليد فقال: كان في السابق كل من يتوقف لمدة 15 يوماً فما دون ويخلى سبيله يعاد الى العمل، ودون موافقة أمنية، والجهة صاحبة التعميم هي صاحبة القرار في إعادته إلى عمله، أما الآن كل من يتوقف لدى أي جهة أمنية بغض النظر عن المدة يحتاج الى موافقة أمنية لإعادته إلى العمل وقد تطول أشهراً، وقد لا تأتي الموافقة وقد تكون كل عملية التوقيف كيدية لذا نطالب بمعالجة الموضوع والاهتمام به.
الدندح: كارثة بيئية واقتصادية
فرحان الدندح عضو المجلس العام رئيس نقابة عمال النفط بالحسكة أشار إلى وجود حرائق في آبار النفط التابعة لشركة دجلة في منطقة المالكية، راجياً العمل مع من يلزم لإطفاء الحرائق في بئري خربة 6 و4 الواقعين في قريتي تل عرب (كرهوك) وعلي آغا التابعتين لناحية اليعربية اللذين ما زالا مشتعلين كونهما آباراً ذاتية وبضغوط عالية مما أدى إلى تلوث المنطقة والبيئة بقطر حوالي 50 كم، وانبعاث الدخان والروائح والغازات السامة في الجو وتأثيرهما المباشر على القاطنين في المنطقة من حيث انتشار الأمراض الخطيرة مستقبلاً، بالإضافة لتأثيرهما على المزروعات والثروة الحيوانية إضافة للهدر الاقتصادي في الثروة النفطية مع العلم بأنه توجد محاولات لإطفائهما ولتاريخه لم تجد نفعاً.
كما طالب بمعالجة موضوع عدم استقبال الأطباء المشتركين في الصندوق المشترك التابع لنقابة الأطباء للإحالات الطبية للعاملين بحجة عدم صرف قيمة الإحالات من الصندوق المذكور مما يؤثر سلبا على صحة العاملين. ومنوهاً بضرورة معالجة موضوع عدم صرف استحقاقات العاملين في مديريات الحقول النفطية والغازية من صندوق الوزير منذ الربع الرابع لعام 2012 ولتاريخه، علماً بأن أعداداً كبيرة من العاملين تجاوزت السن القانوني، بالإضافة للنقل والاستقالة، ولم يتمكنوا من الحصول على مستحقاتهم المالية من الصندوق المذكور.
مطالب بالجملة والمفرق
وتضمنت مداخلات بقية الأعضاء عدداً من المواضيع بينها تأمين السكن العمالي، وتفعيل دور مكاتب التشغيل وآلية عملها، وبإعادة النظر في بعض القوانين والتشريعات التي تلامس الحياة اليومية للمواطنين، ومعالجة التهرب الضريبي والجمركي، ووضع معايير لاختيار إدارات مؤسسات القطاع العام للنهوض به، ومحاربة الفساد بكل أشكاله ومحاسبة الفاسدين، وتفعيل عمل اللجنة الخاصة بالنظر في قضايا المصروفين من الخدمة، وتسوية أوضاع عمال المخابز، وحل مشكلة معمل الأسمدة وإيجاد طرق علمية للصرافات، والعديد من المطالب الأخرى التي أصبحت في عهدة الحكومة.