بصراحة : المجلس العام للنقابات بين رؤيتين

بصراحة : المجلس العام للنقابات بين رؤيتين

أكتسب اجتماع المجلس العام لنقابات العمال الأخير خصوصيته من الظروف الاستثنائية السياسية، والاقتصادية، والأمنية، التي تمر بها البلاد خاصةً مع تصاعد التهديدات العدوانية للإمبريالية الأميركية وكل مارافقها من تهويش إعلامي.

إن التوقف عند النقاشات والمداخلات التي قدمت على مدار يومين من أعضاء المجلس ضروري من زاوية الرؤى المختلفة في توصيف الأزمة السورية، ومسبباتها الحقيقية التي أوصلت البلاد والشعب إلى وضعنا الحالي، البعض حدد الأزمة بالمؤامرة الكونية المعد لها مسبقاً من الأعداء ولم ير سوى المؤامرة، التي لابد من مواجهتها بالسلاح غاضاً الطرف عن الجوانب الأخرى التي لها علاقة مباشرة في التحضير للأزمة الوطنية، حيث لعبت السياسات الاقتصادية الليبرالية دوراً أساسياً في تعميق الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، للبلاد والشعب تمثل في الهجوم على القطاع العام بشكل عام وبالأخص القطاع الإنتاجي والسيادي كالموانئ مما أضعف دوره الوظيفي في تحقيق نسب النمو المطلوبة من أجل التنمية الحقيقية التي ستعكس نفسها بالضرورة تحسناً في المستوى المعيشي للشعب السوري، وكذلك في مستوى الخدمات المفترض أن تقدمها الدولة للشعب.
وجهة النظر الأخرى التي كانت مدار نقاش ومواقف متباينة حولها أظهرت فرزاً لابد من ظهوره بين أعضاء المجلس ومن حضر أيضاً حول مسببات الأزمة وسلوك الحكومات المتعاقبة ومواقفها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية وانحيازها لجهة رجال الأعمال على حساب مصالح الطبقة العاملة والفقراء عموماً مما أدى إلى الانقسام الحاد في المجتمع الذي استفاد منه الأعداء إلى الحدود القصوى.
لقد جوبهت وجهة النظر هذه بحدة لافتة من الضيف الأساسي المدعو لحضور الجلسة الافتتاحية الذي وجه اتهامات بالتقصير لجهات سياسيه عدَه، بأنها كانت غائبة عن الساحة، ومازالت، ولم يتطرق إلى دور الحكومات، وما صنعته سياساتها المختلفة تجاه الطبقة العاملة وحقوقها، فقد أشار إلى بعض الأخطاء التي ارتكبتها.
ويمكننا استنتاجه من اجتماع المجلس الأخير:
1- الفرز الجاري في المجتمع جهاز الدولة والأحزاب والمنظمات أيضاً التي طابعها شعبي ومنها النقابات، وأن الثنائيات الوهمية بدأت تتحطم في مجرى المعركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يخوضها شعبنا وقواه الوطنية.
2- مازالت المادة الثامنة من الدستور القديم موجودة في رؤوس الكثيرين ويعملون على أساسها، ولم يقتنعوا بعد أن الحياة قد أسقطتها سياسياً واجتماعياً.
3- مازال البعض لا يرى في حقوق الطبقة العاملة سوى بعض المطالب الضيقة التي يرددها في كل مناسبة، وهي أكبر من ذلك بكثير،هي حقها في الثروة التي تنتجها، وحقها بأن تكون مستقلة في قرارها وإرادتها، حقها في أن تعلن الإضراب متى رأت ذلك ضرورة للدفاع عن مصالحها.     
4- لم يخرج المجلس بقرارات تحدد مهمات الحركة النقابية للمرحلة ما بين اجتماعين تلتزم بها قيادة الحركة.