صاحبة الجلالة!
حضور عابر لكل الحدود، يحلق فوق الجغرافيا، حضور يطغى على كل انتماء آخر غير الانتماء للذات الإنسانية المقهورة، هنا لامجال للحديث عن انتماءات ما قبل الدولة إلا كونها أمواجاً في بحر واحد، الصاروخ الفلسطيني، ينسينا ولو لحين ما تفرضه علينا «الملتيميديا» من مفاهيم ومقولات: (طائفية وعرقية وأثنية ..)
هنا فلسطين: فلا يوجد أي هامش لكتبة البترودولار والأنظمة أن يكذبوا علينا، فإما أن تكون مع الحياة أو مع الموت، إما مع الطفل الفلسطيني أو مع الدبابة الاسرائيلية، إما أن تكون مع راشيل كوري أو نتنياهو لامجال هنا للمواربة، والتلاعب بالألفاظ، والسفسطة والدجل الليبرالي.
هنا صاحبة الجلالة بـ«جمالها» الباذخ.. هنا فلسطين، تعلن حضورها في كل جهات الأرض، هنا الاسباني والفرنسي والكوبي والايطالي والامريكي والروسي الكل يصرخ: لا للحرب!.. الحدث الفلسطيني يؤكد مرة أخرى تلك الحقيقة التي يحاول دهاقنة الإعلام إخفاءها، وهي أن قضية الإنسان قضية واحدة، وإن «البروباغندا» لا تستطيع أن تحوّل الجلاد إلى ضحية، أو تقنع احداً بأن «كيري» أصبح داعية حقوق إنسان، وإن كذبة «الإرهاب» المسوّقة أمريكياً ليس بالضرورة أن تنطلي على كل الناس.
هنا المقاوم على الأرض – وليس أحداً غيره - يفرض خياراته حتى على المترددين والمتخاذلين واللاهثين وراء التفاوض ويرغمهم على أن يرفعوا سقف مطالبهم، فالكلمة الآن للصاروخ، وليس لرواد الفنادق، والمؤتمرات الصحفية، وأصحاب الياقات، والنخب المتصارعة على وزارة أو كرسي برلماني.
المقاوم الفلسطيني عدا عن أنه كسر عنجهية «شايلوك» المدجج بآخر ما ابتكره الرأسمال من أسلحة، «خربط» أيضاً حسابات الوعي الزائف الذي يحاول «أبناء عمومته» فرضه علينا من خلال الحرب الإعلامية للقبول بالأمر الواقع والتسول بدل المقاومة، والأهم كسر محاولة «اختراع» عدو آخر بدل اسرائيل الصهيونية، في إطار السعي المحموم لتفتيت المنطقة على أسس طائفية ومذهبية.
رب قائل يقول هي مجرد جولة في معركة طويلة، ذلك صحيح، ولكنها جولة «الصاروخ المقدس» العابر للأقمار الصناعية، والقبة الحديدية، والدجل الإعلامي.. أقله ستفتح الباب على مرحلة جديدة.