يحدث في دمشق
تعرّض المتحف الوطني السوري في الآونة الأخيرة لسرقة ستة تماثيل قديمة، بينها تماثيل ومقتنيات نادرة، كما أعلنت وكالة «أسوشيتد برس»، تكشف الحادثة حالة من العجز والهشاشة في حماية التراث السوري، وتفضح إحدى مسارات النهب العديدة والتي طالت الإرث الحضاري لبلد يمتلك آلاف السنوات من التاريخ، ويعجز اليوم عن صونه.
كشف إعلان الخبر عن خلافات ومشاحنات جرى فيها تبادل الاتهامات، فمن جهة تساءل البعض: كيف من الممكن أن تعرف وسيلة إعلام أجنبية بخبر كهذا وتعلنه قبل الإعلام المحلي، أو الإعلام الرسمي؟ خاصة أن الخبر صادم وليس بسيطاً أو سهلاً، ولا مُضحِكاً، فمن يعرف المتحف الوطني في دمشق، يعرف أن هذه السرقة كبيرة كفاية لتحزن دمشق كلها، ويعرف أن هذه السرقة هي استلاب للهوية، السورية أولاً، وهوية المنطقة كلها ثانياً، والمتجسّدة بآلاف السنين، وجهود وإنجاز ملايين من البشر الذين تعاقبوا على هذه البقعة من الأرض.
في المقابل يضحك بضعة أشخاص على «سوشال ميديا»، من الذين لا يملكون سوى ذاكرة الأزمة وليس لديهم معرفة بتاريخ هذه البلاد وإنجازات من سبقهم الحضارية، بينما يناقش آخرون المسألة من منطق مختلف. فقد كشفت الحادثة عن سلوك البعض، حيث يجري التعامل مع انتقاد من أي مواطن كان، بالمقارنة مع النظام السابق، «وكأنّ خطايا النظام السابق صكّ غفران جاهز لأي سلوك حالي»، كما كشفت من جهة أخرى غياب الدولة وغياب هيبتها لدى شرائح كبيرة ومتنوعة من المواطنين السوريين، خاصة أن الخبر لم يصدر عن جهة سورية رسمية، بل عن وكالة أجنبية ذكرت أن السرقة طالت الجناح الكلاسيكي، بعدما اكتشف أحد الموظفين باباً مخلوعاً في القاعة. وبعد انتشار الخبر، أصدرت وزارة الثقافة التي فتحت تحقيقاً بالتعاون مع وزارة الداخلية، بياناً على «إكس» أعلنت فيه عن «تشكيل لجنة خاصة لجرد محتويات المتحف وتحديد ما تمّ نهبه على يد النظام البائد وفلوله».
يشير البيان إلى أن المتحف تعرّض لما سمّاه «عمليات نهب
مبرمجة في عهد النظام البائد ووُضعت قطع مزيفة مكان قطع أصلية نهبت لمصلحة مافيات مرتبطة بالمخلوع وزادت هذه العمليات بعد عام 2011 مستغلة الأوضاع التي رافقت الثورة السورية». رغم أن المديرية العامة للآثار والمتاحف كانت قد أكدت في وقت سابق أنه «لم تحصل أي تعديات على المتحف»، مشيرة إلى أنه أعيد فتح أبوابه في 8 كانون الثاني 2025 بعد إغلاق مؤقت ليلة سقوط النظام «خوفاً من تعرضه للتخريب أو النهب». غير أنّ سرقة القطع الجديدة أعادت الشكوك إلى التداول. ففي تموز الماضي، كرم وزير الثقافة محمد ياسين الصالح موظّفين آثروا البقاء في
المتحف لحمايته من النهب تقديراً لجهودهما في «إنقاذ المتحف ليلة سقوط النظام السابق». كما تمت الإضاءة في تحقيق خاص حول عودة النشاط إلى أسواق التنقيب والتهريب في أكثر من منطقة خلال الشهور الماضية من قبل «عصابات محلية وأفراد يائسين»!
وفي بيان ثان، نشرت الوزارة صور القطع المسروقة وهي ستة تماثيل يُراوح طولها بين 20 و40 سنتيمتراً تعرف باسم «فينوس» وهي تماثيل لأجساد أنثوية، بعضها يرمز إلى آلهة الحب والجمال في الميثولوجيا الرومانية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1252