حديث الأمهات
إيمان الذياب إيمان الذياب

حديث الأمهات

ثمّة جبالٌ من المشكلات الثقيلة حالياً، على غير صعيد ومستوى، يعاني منها السوريون. يتداخل الحديث وعرض المشكلات الخاصة والشخصية مع البوح العام، ليوضح الصورة وما تحمله بداخلها من عمق تصبح فيه التجربة الخاصة والشخصية، مرآة لما تعانيه البلاد من هشاشة وما تحتاجه من حلول.

تثير التصريحات والتقارير الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم حول جودة التعليم الدهشة وتكشف عن مفارقات مضحكة موجعة في آن معاً، فالحديث العام عن «مناقشة آلية التعاون المشترك لتعزيز الأداء المؤسسي، ورفع جودة التعليم في سورية»، دون بحث التفاصيل الخاصة بالمشكلات الفعلية المتراكمة التي يعاني منها قطاع التعليم، ولا بالحلول المقترحة لكل مشكلة، يشابه تصريحات المسؤولين عن هذا القطاع في السلطة السابقة وسياساتهم التي أدت به إلى ما آل إليه اليوم.

في البيوت تتعامل الأمهات مع الوقائع والتفاصيل، في حديث بعض الأمهات «لقاسيون»: تتساءل إحداهن عن الأسباب التي تجعل من طفلها «ضعيفاً في الدراسة، ومهما حاولت معاه مخه مسكر» أمام المنهاج، فهو طالب بالصف الرابع، في البداية اعتقدت أنه يعاني من مشكلة في الذكاء لدرجة جعلتني أعرضه على الأطباء ولكنهم أخبروني أنه لا يعاني من أي مرض وأن ذكاءه جيد لمن في عمره، في الدراسة فقط. وتؤكد أخرى: «ابنتي في الصف الخامس وهي تعاني مع المناهج، رغم أنها تدرس في مدرسة خاصة، مع ذلك تحتاج إلى المساعدة في دروسها مما يضطرنا إلى اللجوء إلى مدرسين «خصوصي» لبعض المواد في المنزل، ومع ذلك تعاني، رغم أنها ذكية...» وتتابع الأمهات شكواهن لقاسيون، حديث لا ينتهي عن معاناة أبنائهن المعرفية والتي تكشف عن جانب مؤلم في حياتهن كنساء وكأمهات، إذ تستنزف مشاكل أبنائهن المعرفية هذه ما تبقى لهن من قوة وقدرة على التحمل، حسب تعبيرهن، إذ يستلزم ذلك الاعتناء بتدريس الأبناء «الطلبة» إضافة إلى المهام اليومية المترتبة عليهن كموظفات وربات منزل ويضيف عبئاً آخر على الأعباء الكثيرة التي تتطلب منهن التعامل معها، الوضع المعيشي السيئ، المواصلات والتنقل، طوابير الوقوف أمام الأفران أو لاستلام الرواتب من المصارف، الكهرباء ، الإيجار، الغلاء... إلخ، من مشاكل لا تنتهي، و«فوقها، تعليم الولاد»، ويزداد الضغط أكثر في حالات الأسر ذات الدخل المنخفض، إذ تضطر الأمهات لتعليم الأطفال بأنفسهن معتمدات على مقدِراتهنّ الشخصية وما يمكن أن تتذكره من معلومات لديها.

تؤكد الأمهات من خلال التجربة والملامسة المباشرة للتعامل بين المنهاج والطالب، أن ثمة قطيعة معرفية بين الطالب والمنهاج المقر من وزارة التربية والتعليم، رغم التعديلات التي قامت بها الوزارة على هذه المناهج، وهو ما يشير إلى أن التعديلات، مع اختلاف الآراء حولها، لم تحدث الأثر المطلوب في رفع سوية التعليم، وأن المنهاج فعلاً يلزمه تغيير جذري، ويلزمه بحث وإجراءات مدروسة وليست ارتجالية كما حدث في الأشهر السابقة، وهو ما أكده معلمون ومدرسون، قامت قاسيون باستقصاء آرائهم حول الموضوع.
يحتاج قطاع التعليم، مثل غيره من القطاعات الهامة في سورية، إلى إعادة النظر بالسياسات العامة والتي على أساسها تبنى خطط تعليمية شاملة ومتكاملة، وترسم الخطوط العامة لبنية التعليم وما يحتاجه في مختلف المجالات. وعلى أساسها يمكن التفكير بما يلزم لتطوير جودة التعليم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1252