سياسات تعلن عن نفسها!

سياسات تعلن عن نفسها!

تكشف سياسات ترامب وقراراته عن حالة من الاتساق والانسجام مع الوضع العام الذي تعيشه المنظومة التي ينتمي إليها وتنتمي إليها بلاده. يعتقد البعض واهماً أن هذه السياسات والقرارات ليست سوى مجرد نزوات للرجل الذي يصنفون ويصفون تصرفاته بـ «الجنون»، في أحيان كثيرة، بينما هي بالواقع عملية ثابتة ومستمرة تعبر عن حالة التراجع التي تعيشها المنظومة والبلاد التي يمثلها.

لم يخفِ ترامب في أي لحظة من مسيرته المهنية والسياسية أياً من صفاته، وعبرت تصرفاته بوضوح عن التقاليد الأمريكية الفعلية، لدرجة أنه في أي كوميديا سياسية مفترضة يمكن له أن يمثل بلاد «اليانكي» أصدق تمثيل، ويعبر عن الحلم الأمريكي الواقعي جداً، فهو واضح في سياسته: «أنت حر بقدر ما تملك من أموال» وقد دفع استهدافه المتواصل للإعلام صحيفة «الغارديان» البريطانية في الآونة الأخيرة إلى طرح سؤال «من التالي الذي سيتم إسكات صوته»؟

كما فرضت إدارته قيوداً إضافية على جامعة هارفرد، فقد أعلنت وزارة التعليم الأمريكية أنّها وضعت هارفرد تحت «مراقبة مالية مشدّدة» بسبب «المخاوف المتزايدة حيال وضعها المالي» في فصل جديد من معركتها ضدّ الجامعات الأمريكية.

تأتي هذه القيود الجديدة بعد أن حقّقت الجامعة انتصاراً قضائياً بعد أن أمرت قاضية في بوسطن في 3 أيلول بإلغاء قرار الإدارة تجميد تمويل بقيمة 2.6 مليار دولار للجامعة، متهمةً البيت الأبيض بـ«استخدام معاداة السامية كستار» لشنّ هجوم على هارفرد «بدوافع إيديولوجية». وكانت الجامعة قد اتُهمت بتوفير بيئة خصبة لإيديولوجية «اليقظة»، وبالفشل في توفير الحماية الكافية لطلابها اليهود خلال الاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين.

كما أعلن ترامب، فرض رسوم سنوية قدرها 100 ألف دولار على تأشيرات العمل المُستخدمة على نطاق واسع في قطاع التكنولوجيا. وأوضح وزير التجارة الأمريكي أنّ «الفكرة العامة هي أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى أو غيرها من الشركات لن تُدرّب عمالاً أجانب بعد الآن»، وقال: «إذا أردتم تدريب شخص ما، فعليكم تدريب الأمريكيين والتوقف عن جلب أشخاص لشَغل وظائفنا».

كما وقّع ترامب أمراً تنفيذياً لإنشاء بطاقة إقامة «ذهبية» بقيمة مليون دولار، في إشارة إلى «البطاقة الخضراء» الشهيرة التي تسمح بالعيش والعمل في الولايات المتحدة. ويهدف النظام الجديد، لتمكين مواطنين أجانب ذوي «مواصفات استثنائية» من الحصول على «البطاقة الذهبية». وأوضح أحد مستشاريه أنّه «مقابل دفع مليون دولار للخزانة الأمريكية، أو مليوني دولار في حال دعمتهم شركة، سيستفيد المتقدمون للحصول على هذه البطاقة من تسريع إجراءات التأشيرة».

وتتيح التأشيرات للعمال الأجانب ذوي المهارات المحددة ــ مثل العلماء والمهندسين ومبرمجي الكمبيوتر ــ العمل في الولايات المتحدة لفترة أولية مدتها ثلاث سنوات قابلة للتمديد إلى ست سنوات، شرط أن يكونوا مكفولين من صاحب عمل.

سياسات تعلن عن نفسها، وتفضح «أمريكا المتراجعة» خلف ستار «أمريكا أولاً»

معلومات إضافية

العدد رقم:
1244